الصنوان: محمد وعلي (صلوات الله عليهم).

الملازمة بين النبي والوصي عليهما السلام

الصنوان: محمد وعلي (صلوات الله عليهم).

6K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 26-05-2018

 

الصنوان: محمد (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام).

الباحث: علي عباس فاضل.

 

الحمد لله الذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الذين أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وبعد:

تختلف درجات القرابة بين الأقارب باختلاف النسب بينهم، ولهذا يكون فلان أقرب من غيره بحكم درجة القرابة منه نسبا، فمن هذه الدرجات الأخ الشقيق والأخ غير الشقيق، فالأول لمن هو من الأبوين نفسهما، أما الثاني فهو من أحدهما من دون الآخر، وتدل على هذه القرابات ألفاظ خاصة في العربية، ولكل منهما مصطلحات في العربية تدل عليه، فقد يستعمل العربي ألفاظ تدل على المعنى بصورة واضحة ومن هذه الألفاظ لفظة (الصنو).

جاء في العربية أن الصنو من الجذر اللغوي (ص، ن، و) قال الخليل: (فلانٌ صِنْوُ فُلانٍ أي أخُوه لأَبَوَيهِ وشَقيقُه. وعَمُّ الرجلِ: صِنوُ أبيهِ. والصِّنْوُ من النَّخْل: نَخْلتانِ أو ثلاثٌ أو أكثَرُ أصلُهُنَّ واحد، كلُّ واحدةٍ على حِيالها صِنْوٌ، وجمعُه صِنْوانٌ، والتثنية صِنوانِ، ويقال لغير النخل)([1]).

فالمعنى هنا يشير إلى أن الصنو هو الأخ الشقيق، أو كل شيئين خرجا من أصل واحد، وهما متشابهان يقال لأحدهما هذا صنو لهذا، وقد استعمل أمير المؤمنين (عليه السلام) هذا اللفظ للتعبير عن درجة قربه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: (وَأَنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) كَالصِّنْوِ مِنَ الصِّنْوِ، وَالذِّرَاعِ مِنَ الْعَضُدِ)([2]).

فكلام أمير المؤمنين (عليه السلام) يدل على أنه كان بمنزلة الأخ الشقيق لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، فهذا الوصف واللفظ لا يطلق إلا على هذا النوع من الأخوة وما يؤكد ذلك المعنى اللغوي، وأيضًا تشبيها في قوله (كالصنو من الصنو) أي كلاهما (صلوات الله عليهما) هو كالصنو لصاحبه، وهذا التكرار والترتيب والنسبة تشير إلى تحقق المعنى المراد من الأخوة المطلقة ، ثم يردف قوله بما يؤيد ذلك فيقول (والذراع من العضد) أي لا انفصال بينهما في هذا الأخوة المترابطة كترابط الذراع والعضد.

وهذا الكلام لأمير المؤمنين (عليه السلام) هو مصداق لما جاء عن النبي (صلى الله عليه وآله): إذ قال: (علي مني كهارون من موسى)([3])، وقوله ( صلى الله عليه وآله): (علي مني وأنا منه)([4]).

فأحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) تدل على ما كانت عليه منزلة أمير المؤمنين (عليه السلام) عنده، إذ عدَّه منه وهو من أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم يؤكد الأخوة التي تدل عليها لفظة (صنو) بأخوة موسى وهارون، اللذين كانا أشقاء من الأبوين، من هنا فأمير المؤمنين (عليه السلام) لم تكن الأخوة بينه وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله) للمرتبة والمحبة والمنزلة فقط، بل هي أخوة بكل معانيها، إذ هما شقيقان بحكم ما جاء عنهما، وكل ما ورد عنهما (صلوات الله عليهما) هو مصداق قوله تعالى: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)([5])، فقوله (أنفسنا وانفسكم) فقد ذكرت الروايات على أن هذه الآية نزلت في المباهلة، وقد أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) معه آنذاك أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، وقد اشتهر عند طائفة كبيرة من العلماء والمفسرين أن المقصود بقوله (أنفسنا) أمير المؤمنين (عليه السلام)، لأن النساء فاطمة (عليها والسلام) والأبناء هما الحسن والحسين (عليهما السلام)([6]).

وختاما: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) هما نفس واحدة، وخرجا من نور واحد، وتفرعت هذا النفس إلى شقين فصارت صنوين، محمد وعلي (صلوات الله عليهما). اللهم نسأل ان تجعلهما شفعاء لنا يوم لقاك، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الهوامش

[1] العين: 7/ 158.

[2] نهج البلاغة، شرح محمد عبده: 3/ 73.

[3] الأمالي، الصدوق: 149.

[4] المصدر نفسه.

[5] سورة آل عمران: 61.

[6] ينظر:  تفسير الميزان، الطباطبائي: 3/ 233.

 

المقالة السابقة المقالة التالية

Execution Time: 0.3028 Seconds