من الأمثال العربية في نهج البلاغة توظيفه عليه السلام المثل القرآني الحلقة الرابعة: (الأمثال الكامنة)

أثر نهج البلاغة في اللغة والادب

من الأمثال العربية في نهج البلاغة توظيفه عليه السلام المثل القرآني الحلقة الرابعة: (الأمثال الكامنة)

2K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 03-05-2023

بقلم: الدكتور حسن طاهر ملحم – الجامعة العربية.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من تبوأ من الفصاحة ذروتها وأصبح بذلك أفصح العرب أبي القاسم محمد صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين لا سيما الإمام علي عليه السلام أمير البيان..

وبعد:
فإن مما ورد في خطاب الإمام علي عليه السلام أنه كان يستخدم الأمثال التي وردت في القرآن وهذا يكشف عن اهتمامه عليه السلام بكتاب الله تعالى وتوظيف ما ورد فيه من أمثال ضمن ابعاد معرفية عدة، منها: الامثال الكامنة.
وجميع ما استشهد به الإمام (عليه السلام) من آيات قرآنية في كلامه هي من نوع ما اصطلح عليه بالأمثال الكامنة والتي تتجلى فيها الشروط الأساسية التي وضعها أرسطو لتحديد المثل من حيث الإيجاز والتشبيه وإصابة الغرض[1].
والملاحظ في استخدام الإمام لآيات القرآن الكريم في كلامه (الآيات الوعظية والمثلية) وهذا شيء طبيعي من رجل نشأ في مدرسة القرآن الكريم وتأثَّر به أي تأثُّر.
ومن ظواهر استخدام الإمام علي (عليه السلام) لآيات القرآن جعلها في أواخر الكلام،  فقد تبين ذلك في إثنين وعشرين نصاً ويجعلها مسك الختام.
وهذا ما يلقي ضوءاً على اسلوب الخطابة والرسالة الإسلاميتين في استخدام آيات القرآن الكريم وفي شكل اختتامها،  وعلى الأقل في اسلوب الإمام (عليه السلام) خاصة.

1- {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ}[2]
(كلا والله ولكنها لهجة غبتم عنها،  ولم تكونوا من أهلها ويلمه كيلاً بغير ثمن،  لو كان له وعاء،  ولتعلمن نبأه بعد حين [3]،  فالإمام علي (عليه السلام) هنا يوضح أمراً جللاً بقوله: أنا أكيل لكم العلم والحكمة كيلاً بلا ثمن لو أجد وعاءاً أكيل فيه...،  أي لا أجد نفوساً قابلة وعقولاً عاقلة   .

يلاحظ في نهاية الخطبة أن الإمام (عليه السلام) قد ختم كلامه بآية قرآنية مثلية وأنه اتبع أسلوب المزج حتى يخيل للسامع والقارئ - بادئ الأمر - وهو يقرأ الآية في سياق كلام الإمام علي (عليه السلام) كأنها منه لولا ما يبدو عليها من أسلوب القرآن المتفرد والمتميز.
وعلى غرار استعارة الإمام (عليه السلام) التمثيلية للمثل القرآني (ولتعلمن نبأه  بعد حين) خطب الإمام الحسن (عليه السلام) بأمر أبيه الإمام (عليه السلام) في يوم الجمعة عندما اعتل الإمام (عليه السلام) وأمره أن يصلي بالناس، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (إن الله لم يبعث نبياً إلا اختاره لنفسه ورهطاً وبيتاً،  فوالذي بعث محمداً بالحق لا ينتقص من حقنا أهل البيت أحد إلا نقصه الله من عمله مثله ولا يكون علينا دولة إلا وتكون لنا العاقبة ولتعلمن بنبأه بعد حين)[4]،  ذرية بعضها من بعض فضّلها على خلقه صلوات الله عليهم وسلامه إلى يوم الدين،  وهذا دليل على ما تقدم من استعارة المثل القرآني ومزجه مع كلام الخطيب وكأنه قطعة منه لولا التفرد المتميز للقرآن الكريم.

2-{وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}[5]
(فامهد لقدمك، وقدم ليومك، فالحذر الحذر أيها المستمع، والجد الجد أيها الغافل وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ)[6].
استخدم الإمام علي (عليه السلام) هذه الآية الكريمة في موقع التوقف في الخطبة وكأنه أنهاها ممزوجة مع كلامه ومن ثم استرسل ليكمل خطابه (إن من غرائم الله في الذكر الحكيم....)[7])[8].

الهوامش:
[1]- صفاء خلوصي: أمثال القرآن، محاضرات على طلبة الماجستير في اللغة العربية، جامعة بغداد.
[2]- سورة ص: آية 88.
[3]- نهج البلاغة 1/144 خطبة (70).
[4]- المسعودي: علي بن الحسين (ت346هـ) مروج الذهب،  تحقيق: أمير مهنا،  مؤسسة النور،  بيروت  3/53.
[5]- فاطر: آية 41.
[6]- نهج البلاغة، 2/307 خطبة (151).
[7]- المصدر نفسه.
[8]- لمزيد من الاطلاع ينظر: الأمثال العربية ومدلولاتها التاريخية في كتاب نهج البلاغة، للدكتور حسن طاهر ملحم، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، 167-169.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2669 Seconds