من دلالة الأفعال في الخطبة المونقة للإمام علي عليه السلام دلالة الفعل ((بَكَتْهُ)) في قوله عليه السلام: «وجُذِبَتْ نَفْسُه وَبَكَتهُ عِرْسُهُ».

أثر نهج البلاغة في اللغة والادب

من دلالة الأفعال في الخطبة المونقة للإمام علي عليه السلام دلالة الفعل ((بَكَتْهُ)) في قوله عليه السلام: «وجُذِبَتْ نَفْسُه وَبَكَتهُ عِرْسُهُ».

115 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 23-07-2024

بقلم: الدكتور مصطفى كاظم شغيدل

الحمد لله الذي صدقنا وعده هي مقالة المتقين، وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين.

وبعد:
امتازت الخطبة المونقة لأمير المؤمنين عليه السلام والتي تسمى أيضا بـ(الخطبة الخالية من الألف) بكثرة الأفعال فيها، إذ وصلت إلى (170) فعل، فضلاً عما جاء مكرراً وبصيغة مختلفة؛ وهذه الخطبة مع أنها قيلت في موضع التندر لخلوها من الألف، غير أنها لم تكن خالية من الفكر بمختلف أبعاده، وهو على النحو الآتي:
قوله عليه السلام: «طَمَحَ بِنَظَرِهِ».

بَكَتْهُ

 تدلُّ مادَّة (بكى) في اللُّغة على البكاء على الميِّت، ورثائه. جاء في (العين): «البكاء مقصور وممدود. بَكَى يَبْكِي، وباكيتُه فبكيتُه، أَيْ: كنت أَبكى منه» [1].
ويُقال: بكى يبكي بُكاء وبُكى، فهو باكٍ. وأَبكاه: فَعَلَ به ما يُوجب بكاءَه. وبكَّاه على الميِّت تبكيه: هيَّجه للبكاء. وبكاهُ بُكاء، وبكَّاه: بكى عليه، ورثاه [2].
وقال الجوهريّ: «البكاء يُمدُّ ويقصر، فإذا مددت أَردت الصَّوت الَّذي يكون مع البكاء، وإذا قصرت أَردت الدُّموع وخروجها... وبكيتُه وبكيتُ عليه بمعنىً. قال الأَصمعيّ: بكيت الرَّجل وبكيته بالتَّشديد، كلاهما إذا بكيت عليه. وأَبكيته إذا صنعت ما يبكيه. وباكيتُه فبكيتُهُ، إذا كنت أَبكى منه... واستبكيته وأَبكيتُه بمعنىً. وتباكى: تكلَّف البكاء» [3].
وقال الزَّمخشريّ: «بكى على الميِّت، وبكاه، وبكى له، وبكي عليه، وبكاه. وفعلت به ما أبكاه، وبكاه... واستبكيته فبكى، وباكيته فبكيته: كنت أَبكى منه»[4].
وورد هذا الفعل (بكى) مطابقاً دلالته اللُّغوية مرَّة واحدة في الخطبة، جاء به أَمير المؤمنين (عليه السلام) لبيان حال امرأَة ذلك الإنسان المحتضَر، الَّذي «جُذِبَتْ نفسهُ»؛ إذ قال (عليه السلام): «وجُذِبَتْ نَفْسُه، وَبَكَتهُ عِرْسُهُ». والعِرْس: امرأَة الرَّجل [5].
و(بكته) فعل ماضٍ مبنيٌّ على الفتح المقدَّر على الأَلف؛ منع من ظهور التَّعذُّر، والتَّاء: تاء التَّأنيث السَّاكنة، ضمير مبنيٌّ على السُّكون، لا محلَّ له من الإعراب، والهاء: ضمير متَّصل مبنيٌّ على الضَّمِّ في محلِّ نصب مفعول به، عائد إلى (من جذبت نفسه)، وعرسه: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضَّمَّة الظَّاهرة على آخره، وهو مضاف، والهاء ضمير متَّصل مبنيٌّ على الضَّمِّ في محلِّ جرٍّ بالإضافة، عائد إلى (من جذبت نفسه). وجملة (وبكته عرسه) معطوفة على جملة (وجذبت نفسه).)([6]).

الهوامش:
[1]. العين: 1/453.
[2]. ينظر: تهذيب اللغة: 3/418، والمخصص: 3/195، والمحكم والمحيط الأعظم: 3/205، ولسان العرب: 14/182، والمصباح المنير: 1/358، والقاموس المحيط: 3/398.
[3]. الصحاح في اللغة: 1/358.
[4]. أساس البلاغة: 1/30. وينظر: معجم مقاييس اللغة: 1/226، والمحيط في اللغة: 2/69.
[5]. ينظر: العين: 1/76، وجمهرة اللغة: 1/388، وتهذيب اللغة: 1/177، ومعجم مقاييس اللغة: 4/214و 215، والصحاح في اللغة: 1/457، والمحيط في اللغة: 1/61، ولسان العرب: 6/143، وتاج العروس: 1/4016و 40017.
([6]) لمزيد من الاطلاع ينظر: الأفعال في الخطبة المونقة للإمام علي عليه السلام بين الدلالة المعجمية والاستعمال الوظيفي: للدكتور مصطفى كاظم شغيدل، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص187-190.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2171 Seconds