لقد شغلت قضية بضعة النبوة وصفوة الرسالة فاطمة (عليها السلام) وما شجر بينها وبين أبي بكر وعمر، حيزًا واسعًا في التراث الإسلامي، وذلك لما ترتب على هذه القضية من آثار متعددة ومستمرة، تمثلت في مخاصمتها لأبي بكر وعمر، فهجرتهما ولم تكلمهما حتى لحقت بأبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فسجلت بذلك استفهامات متعددة، وإشكالات متنوعة تبحث عن إجابات علمية عبر البحث والدراسة، ومنها الدراسة التي بين أيدينا والتي تناولت محاولات بعض أعلام أهل السُنّة والجماعة في دفع ما وقع من الظلم على بضعة النبوة (عليها السلام)، عبر مجموعة من التأويلات التي استندوا إليها في تصويب فعل أبي بكر وشَرّعَنَة ما سَنّهُ في منعها من نحلتها، وإرثها، وسهمها من الفيء، وطعمتها من حصن الكتيبة. وقد ركَّزت الدراسة على البحث في هذه التأويلات التي عمد إليها المحدثون في منع المعارضة بين مقتضيات حكم منع النبوة لمطلق الإرث، وذلك على مبنى حديث (لا نورث ما تركنا صدقة)، وبين ترك أبي بكر لسلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله ) ومتاعه لفاطمة (عليها السلام) فورثته، ومنعها من الإرث في الموارد المالية والاقتصادية من أموال النبي (صلى الله عليه وآله)، فقد صادرها أبو بكر بحجة أن النبي (صلى الله عليه وآله ): (لا يوّرث)، ومن ثم نشأت معارضه في الحكم الشرعي بين التوريث وعدمه في أموال رسول الله (صلى الله عليه وآله). ومن ثم لم يجد كثيرٌ من أعلام أهل السُنّة غير التأويل في ترك هذه الأموال ومصادرة الأموال الاقتصادية، في حين لزم الأعم الأغلب منهم الصمت عن هذه المعارضة.