فقد جعل الله الدنيا دار اختبار وامتحان للبشر، فالرخاء فيها امتحان وكذلك البلاء، فمن شكر عند الرخاء نجح ومن صبر عند البلاء فلح، وإن الله حينما يبتلي عباده فهو يبتليهم لأسباب ومنها رفع درجاتهم، وهذا البلاء لا يكون إلا للأنبياء والأولياء والمؤمنين، فإن العلة من ابتلاء الرسل عليهم السلام هي لرفع منازلهم الدنيوية والأخروية.
فالله جل وعلا حينما يبتلي انبياءه فلا شك أن في ذلك ارتفاعاً لدرجاتهم كون الأنبياء معصومين من الأخطاء وهذا هو اعتقادنا بالأنبياء، فكلما زاد ايمان الإنسان زاد بلاءه، إذاً فالأنبياء هم أشد الناس ابتلاءً وكذلك الحجج الأطهار كونهم أعبد الناس وأزهدهم وأقربهم إلى الله، الله أراد لأنبيائه الدرجات الرفيعة والمنزلة القريبة، ذلك لمعرفته بأنهم قادرين على تحمل الأخطار والمخاوف وجميع الابتلاءات من أجل رضاه.
عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
«إن لله عز وجل عباداً في الأرض من خالص عباده ما ينزل من السماء تحفة إلى الأرض إلا صرفها عنهم إلى غيرهم ولا بلية إلا صرفها إليهم»([1]).
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
«إن عظيم البلاء يكافأ به عظيم الجزاء، فإذا أحب الله عبدا ابتلاه بعظيم البلاء، فمن رضي فله عند الله الرضا ومن سخط البلاء فله عند الله السخط»([2]).
فحينما بعث الله لنا رسله فهو يعلم أنهم يحبون المعروف وينكرون المنكر ويعلم أنهم معصومون من جميع الذنوب صغيرها وكبيرها لذلك خصهم بالرسالة وابتلاهم بجميع الابتلاءات، فما وجد منهم إلا الرضا له والتسليم لأمره.
وإن الحكمة من ابتلاء الأنبياء عليهم السلام لِيُرِي الله عباده أنه سبحانه امتحن أحب خلقه وابتلاهم بأصعب الامور لكي يلتجئوا إليه في كل الملمات ولا ينشغلوا عنه، ليعرف الناس أن الله حينما يبتلي عبده إنما هو تطهير له من الذنوب أو زيادة له في القربى من الله.
الهوامش:
([1]) الكافي، الكليني، ج2، ص253، ح5.
([2]) المصدر نفسه، ج2، ص253، ح8.