بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان
((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
أما بعد:
قال أمير المؤمنين عليه السلام ((الحَجَرُ الغصيب[1] في الدار رهنٌ على خَراجها)).
الدعوة إلى ممارسة التقوى والتدين بشكل دقيق بعيد عن مجرد المظاهر والروتين الذي يمارسه المتدينون عادة بل على المؤمن أن يستسلم لأوامر الشريعة المقدسة بأشكالها كافة ويطبقها بموجب صيغها المشرعة، ومن هذا أن لا يتعدى أحدٌ على أحدٍ سواء على نفسه أو عرضه أو ماله قليلًا كان مقدار التعدي أو كثيرًا والأثر السلبي المترتب هو الخراب أو الدمار وهما مما يفر منهما الناس.
إذن لا بدّ أن لا يستهان بقليل الظلم، على أساس أنه قليل، بل يجب التوقي منه؛ لأنه مخالفة لأوامر الله تعالى؛ حذرًا من العقوبة، وما يحدثه قليل الاعتداء والتجاوز، من كثير النكبة والندم ووخز الضمير.
ولا أحسب أن أحدًا يناقش في ذلك مبدئيًا لأن الله تعالى أراد للناس أن يعيشوا بسلام فشرع القوانين التي تؤمن لهم ذلك فمن الطبيعي أن المتجاوز ينكب لأنه متجاوز وعاصٍ. فالحذر من الغصب، والأخذ بالغلبة، والاستيلاء بلا وجه مشروع لأن نتيجة ذلك دنيويًا: الخراب والفناء، ومثل الإمام عليه السلام لذلك بالحجر وما يمثله من قلة فلا يبالي به أحد بالمقياس الإنتاجي الاقتصادي، إلا أنه كوثيقة باقية وأمانة موضوعة حتى يتم الأداء ويحصل الأثر الذي هو الخراب، وقد يأخذ الخراب أشكالًا متعددة: الخراب المحسوس المادي، الخراب الاعتباري كأن لا يوفق ساكنها أو تكثر مصائبه ومشكلاته أو ... أو... من أشكال الخراب مما يترك أثرًا لدى الغاصب ليرتدع بعدئذ[2].
الهوامش:
[1] الغصيب بمعنى المغصوب. وقد روي بلفظ (الحجر الغصب) و(الحجر المغصوب) فلاحظ,
[2] لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ص 159 - 160.