بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان
((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
أما بعد:
هذه دعوة أخرى تؤكد المعنى نفسه لسابقتها ألا وهو إتباع التعلم بالتطبيق، وأن لا تخالف أقوال الإنسان ما يفعله مما لا يلتئم مع ما يرفعه من شعارات براقة، فلا بد من المحاسبة جيداً لئلا يتخلف أحدهما عن الآخر بل لا بد من المحافظة على الاقتران والملازمة بين العلم والعمل لتكون الحصيلة توازن الإنسان في تصرفاته وعدم تخليه عما يردده من ألفاظ فيكون عندئذ محل ثقة واطمئنان النفوس فإن ذلك يؤشر على مدى تعمق الفكرة والتزام صاحبها بها وأن ذلك ناشئ من التصميم والاقتناع التام وليس لمجرد التأثيرات الجانبية التي قد يخضع لها الإنسان في بعض أدوار حياته.
مضافاً إلى أن في الحكمة تلويحاً بأن العلم إذا لم يستعمله الإنسان فيما يرضي الله تعالى بل تركه وأهمله ولم يطبقه فانه يسلب عنه فلا يستطيع بعدها القول بأنه عالم؛ إذ قد ذهب عنه بهاء العلم وعزته ورونقه وسائر ما يتركه العلم في المتعلم أو العالم من آثار ملحوظة للفرد والمجتمع، وعندها تكون دعواه بدون شاهد، فلا يصغى لقوله، ويفتضح أمره، ويتجرأ عليه جهال الناس وصغارهم إذ كانت الحصانة الوحيدة له خوف الله ومراقبته فيعمل بما علم وإذا تخلى عن ذلك فسوف يذل ويهون قدره حتماً من حيث يشعر أو لا يشعر، وكل ذلك مما يعني جفاف الروح وذبولها إذ لو لم تكن كذلك لبان الأثر.
إذن لابد من الالتزام التام لأهل العلم أنى كانوا ومتى يكونوا وفي أي درب من دروب العلم سلكوا وإلى أي باب من ابوابه توجهوا؛ لأن بالالتزام التام – التطبيق العملي الفعلي – يتم ما يتمنى الإنسان من بلوغ مراتب عالية اجتماعية أو وظيفية منصبية – مؤقتة- )[1].
الهوامش:
[1] لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ص235-236.