أخلاق الإمام علي عليه السلام قال عليه السلام: (كَفَاكَ أَدَباً لِنَفْسِكَ اجْتِنَابُ مَا تَكْرَهُه مِنْ غَيْرِكَ)

سلسلة قصار الحكم

أخلاق الإمام علي عليه السلام قال عليه السلام: (كَفَاكَ أَدَباً لِنَفْسِكَ اجْتِنَابُ مَا تَكْرَهُه مِنْ غَيْرِكَ)

1K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 23-09-2023

بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان

((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))

أما بعد:
من المعلوم ان الإنسان المستقيم التفكير، السوي الطريقة، يميل نفسياً وسلوكياً في الحياة العملية إلى أن يسير بسيرة يكون من ثمارها وصف الناس له انه مؤدب، مهذب، ملتزم، موزون، وغير ذلك مما يعني المدح والثناء والقبول والارتياح الذي لا يمكن صدوره من الجميع إلا إذا تحققت في الفرد الممدوح شرائط السيرة الصحيحة والتعامل المحافظ على الخطوط العامة لقواعد المجاملات الاجتماعية وهو امر ليس بالسهل – غالباً بل دائماً – لما هو معروف من تعدد الأهواء وتشتتها وعدم اتفاقها على أمر واحد فقد يرضى شخص بالتصرف المعين في الوقت الذي يغضب منه آخر. أو قد يثني إنسان على قول معين في حال أن إنساناً آخر ينتقده بما يجعل عملية إرضاء الجميع غير سهلة فكان دور هذه الحكمة هو رسم طريق لو سار عليه الإنسان في حياته العملية لأوصله إلى الهدف المنشود الذي يسعى إليه ويميل نحوه بحسب طبيعته القويمة وفطرته الأولى وأن (الإنسان مدني بالطبع)، ومعالم هذا الطريق واوصافه قد اختصرها الإمام عليه السلام بأن يجعل الإنسان نفسه مقياساً لمعرفة حالة القبول أو الرفض لدى الآخرين لما يصدر منه شخصياً من أقوال أو أفعال وذلك بان ما يجده الإنسان مقبولاً وسائغاً من الغير فيعرف انه مقبول وسائغ منه والعكس صحيح أيضاً، وأن ما ينتقده الإنسان من الأقوال والأفعال ويعتبره أمراً مستهجناً من الغير فعليه أن يتجنبه ويبتعد عنه ولا يتورط به لأنه يشكل علامة سلبية عليه في أذهان الآخرين.
ولو التزم الإنسان بهذا المقياس فجعله ميزاناً يزن به أقواله وأفعاله فما يرضاه من الناس لو صدر منهم يفعله، وما يرفضه منهم يتركه ليضمن بالتالي انه مؤدب لنفسه وكفى بها تقييماً يعتز به بل ويفخر به العقلاء المدركون لأحوال التعامل الاجتماعي وما يلزم في ذلك المضمار.
إذن فالدعوة إلى أن يلتزم الإنسان تأديب نفسه وتهذيبها والسيطرة عليها من خلال الابتعاد عن كل ما يكرهه ويتجنبه وينتقده من أقوال الغير وأفعاله بما يجعل القاعدة متوازنة؛ إذ الناس[1] بحسب الخلقة والطبيعة الإنسانية متساوون في الانسجام مع أمور والابتعاد عن أخرى فمن الممكن جداً إدراك المقبول والمرفوض اجتماعياً ليتجنبه الإنسان ليكون بذلك مصدر راحة للآخرين[2].

الهوامش:
[1] وهذا مع غض النظر عن العوامل البيئية أو الجغرافية أو الدينية التي تعترض ذلك أحياناً بما يضفي عليه الخصوصية ويجعله ضمن حدود معينة فلا يتجاوزها إلى الآخرين من الناس الذين يعيشون ضمن حدود أخرى.
[2] لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ص260-262.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2770 Seconds