بقلم: د. قاسم خلف السكيني.
الحمد لله رب العالمين، عليه نتوكل وبه تعالى نستعين، سبحانه (الذي بطن خفيات الأمور، ودلت عليه أعلام الظهور، وامتنع على عين البصير، فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من أثبته يبصره). وصلوات ربي الزاكيات، وسلامه الموفور بالخير والبركات، على خير خلقه، وخاتم رسله، محمد وعلى آله الطاهرين.
قال عليه السلام: اَلسَّخَاءُ مَا كَانَ ابتْدِاءً، وَأَمَّا مَا كَانَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَحَياءٌ وَتَذَمُّمٌ([1])
ورد في الصحاح: (تذمم: استنكف، يقال لو لم يترك الكذب تأثماً لتركه تذمماً)([2]) وفي المنهاج: تذمم منه: استنكف واستحيا. والسخاء: الجود([3]).
والمعنى المستفاد من هذه الحكمة. أن السخاء هو البذل ابتداءً. وإذا ما كان البذل بعد الحياء من السائل والحافه، فلا يسمى سخاءً، بل يسمى تذمماً. وإذا ما كان العطاء عن مسألة فهو من باب الحياء والاستنكاف من أن يقول الناس عنه انه بخيل. ومهما يكن مقدار العطاء بعد السؤال فلا يعد من باب الكرم.
وواضح أن بين الجملة الأولى والثانية تقاربا دلاليا مع تراخ بوجود الواو. والسبب هو أن السخاء تعرفه العامة، ولكن التذمم يناسبه مجيء الواو ليفيد دلالة العطاء المستصحب للسؤال، ويؤدي وظيفة نحوية، هي ما يعرف بالتراخي في العطف([4]))([5]).
الهوامش:
([1]) رويت في شرح الغرر 2/317 بلفظ: (... فإن كان عن مسألة...). ورويت بلفظ المتن في: المنهاج 3/279، وأعلام النهج ص294، والترجمة 2/436، وشرح ابن أبي الحديد 18/184، وشرح البحراني 5/270، والمصباح ص591.
([2]) الصحاح: (ذم).
([3]) العين: (سخو) 4/ 289.
([4]) مغني اللبيب، ابن هشام 2/ ص354 (حروف العطف).
([5]) لمزيد من الاطلاع ينظر: شرح حكم الإمام علي وتحقيقها من شروح نهج البلاغة: للدكتور قاسم خلف مشاري السكيني، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص68-69.