بقلم: الشيخ محسن المعلم
((الحمد لله كما هو أهله، والصلاة والسلام على هداة الخلق إلى الحق، محمد وآله الطاهرين))
وبعد:
الدنيا مسرح مترع بما تهوى الأنفس، تنوّع ألوان، وتفنّن إغراء، وخبث احتيال، ومراوغة واستغفال.
وذلكم سِمَتُها الماثلة، وعنوانها البارز، أو قل ذلكم شأن الكثرة الكاثرة والسواد الأعظم والأعمّ الأغلب من الناس.
{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ المُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ المَآبِ}([1]).
{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ}([2]).
وهذا وجهها الكالح القبيح، وهي وعشّاقها المرتمون في أحضانها المتوحّلون في أدرانها موطن الذمّ ومعقد الحقارة.
أما الدنيا لدى عارفيها فهي (مزرعة الآخرة) و(الممرّ للمقرّ)، وقد مرّ حديث ذلك مفصلاً في مقدمات الكتاب.
وعلى ضوء فهم وجهتيها ومعرفة صورتيها يُترجم كلام الإمام عليه السلام ويُفسّر مدلوله، ويُدرك معقوله.
أ) «أَيُّهَا النَّاسُ انْظُرُوا إِلَى الدُّنْيَا نَظَرَ الزَّاهِدِينَ فِيهَا الصَّادِفِينَ([3]) عَنْهَا فَإِنَّهَا وَاللهِ عَمَّا قَلِيلٍ تُزِيلُ الثَّاوِيَ([4]) السَّاكِنَ وَتَفْجَعُ المُتْرَفَ الآْمِنَ...»([5]).
ب) الدنيا: «خَيْرُهَا زَهِيدٌ وَشَرُّهَا عَتِيدٌ([6]) وَجَمْعُهَا يَنْفَدُ وَمُلْكُهَا يُسْلَبُ وَعَامِرُهَا يَخْرَبُ...»([7]))([8]).
الهوامش:
([1]) سورة آل عمران /14.
([2]) سورة الحديد /20.
([3]) الصادف: المعرض.
([4]) الثاوي: المقيم.
([5]) خ 103 /148.
([6]) العتيد: الحاضر.
([7]) خ 113 /167-168.
([8]) لمزيد من الاطلاع ينظر: الأخلاق من نهج البلاغة: الشيخ محسن علي المعلم، العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، ط1، ص193-194.