الباحثُ: سَلَام مَكِّيّ خُضَير الطَّائِيّ.
الحمدُ لله ربّ العالمين والصَّلَاة والسَّلَام على أشرف الخلق مُحَمَّد بن عبد الله (صلَّى الله عليه وآله)، وعلى آل بيته الطّيّبين الطَّاهرين، وبعد:
الإخوان من نعم الله (تعالى) على الإنسان المسلم، فهم له عون وسند في السَّرَّاء والضَّرَّاء، ويقفون إلى جانبه عندما في كل وقت وبالخصوص عندما تمر به بعض ظروف الحياة الصَّعبة، والأخ ليس فقط من يكون من الأم والأب للفرد أو من أحدهما، ولكن معنى الأخ معنى واسع يشمل جميع المسلمين المتحابّين فيما بينهم في الله تعالى، وممكن الأخ المسلم الرّوحيّ يكون أفضل من الأخ في النَّسب.
وقد بينت أقوال الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام) صفات الأخ الحقيقي، وهو الذي يحثك على طاعة الله (تعالى)، بصدق نيّة وحتى إذا اضطر الأمر إلى تأنيبك في الله (تعالى)، من أجل أن يجعلك تتّخذ اتجاه عمل الخير، وعدم مجاملتك وتركك إلى أن تسلك طريق الانحراف إلى المعاصي والمهالك الدنيئة التي ينتج عنها غضب الله (عزَّ اسمه)، فما ورد لنا في هذا المعنى قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السَّلَام): (خير إخوانك من عنّفك في طاعة الله سبحانه)[1]، وكذلك قال (عليه السَّلَام)، في من يكثر غضبه وانزعاجه لك في الحق إذا أخطأت أو أخفقت في عمل أو تصرّفٍ ما، وكان هذا الخطأ يبعدك عن رضا الله (تعالى) ورسوله (صلَّى الله عليه وآله)، وآل بيته الأطهار (عليهم الصَّلَاة والسَّلَام)، ولا يجعلك تخطأ ويتكررّ خطؤك، فهذا يُعد من خير الإخوان لك في الله (تعالى)، ففي هذا المعنى قال أمير المُؤمنين عَلِيّ بن أبي طالبٍ (عليه السَّلَام): (خير إخوانك من كثر إغضابه لك في الحقِّ)[2]، وإن من صفات الأخ الصَّالح أيضاً، الذي يحمل الصّفات الحسنة أن يقوم بتقديم النَّصيحة لك في الله (تعالى)، فهذا يُعد من خير الإخوان وأفضلهم، فروي عن الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام)، في هذا المعنى أنَّه قال: (خير الإخوان أنصحهم)[3]، فمن كانت نصيحته ومودته لك في الله (عزَّ اسمه)، من غير أن يجعل مقابل تلك النَّصيحة والمودة غير رضا الباري (عزَّ وجلّ)، فهذا أيضاً من خير الإخوان لأخيه المسلم، فروي عن أمير المؤمنين عَلِيّ بن أبي طالبٍ (عليه السَّلَام)، أنَّه قال: (خير الإخوان من كانت في الله مودَّته)[4].
بالإضافة إلى ما تقدَّم من صفات الأخ المخلص لأخيه المسلم وخصاله، فهنالك صفة أخرى وهي أن يقوم بمواساة أخيه في خيره وماله، ويكون ملازماً له في الله (تعالى)، قال الإمام عَلِيّ (عليه السلام): (خير إخوانك من واساك بخيره)[5]، وخير منه من يغنيك عن الاحتياج إلى غيره في أمور الدّين والمال وغيرها من الأمور والمتعلقات الحياتية التي يحتاجها كل فرد في مسير حياته، فإذا كان يستطيع أن يقضي حاجتك ولا يجعلك تلجأ إلى الآخرين في قضائها، فهذا من خير الإخوان وأفضلهم، فقال الإمام (عليه السَّلَام)، تتمةً لمقطع الحديث الآنف الذّكر: (وخير منه من أغناك عن غيره)[6]، وقال (عليه السَّلَام)، أيضاً في هذا المعنى: (خير الاخوان من لا يحوج إخوانه إلى سواه)[7]، وكذلك أنَّ من الإخوان من يخشى الله (تعالى)، ولا يفعل غير الخير وما يرضي الله (تعالى)، ورسوله وآل بيت الأطهار (عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام)، ويعمل على جذبك إلى فعل الخير والعمل الصَّالح، ويأمرك بالبر والتّقوى، مع تقديمه لك يد العون والمساعدة على فعل الخير، فهذا أيضاً من خير الإخوان، فقال الإمام عَلِيّ (عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام): (خير إخوانك من سارع إلى الخير وجذبك إليه وأمرك بالبرّ وأعانك عليه)[8].
وكذلك من أكسبك التّقوى ونحَّاك إتّباع أهواء النَّفس وما تأمرك به، فمن امتلك تلك الصفات والخصال، فهذا من خير الإخوان، فروي عن سيّد البلغاء أمير المؤمنين الإمام عَلِيّ بن أبي طالب (عليه السَّلَام)، أنَّه قال: (خير إخوانك من دلَّك على هدى وأكسبك تقى وصدّك عن اتّباع هوى)[9]، وكذلك إنَّ من خير الإخوان من دعاك وجذبك إلى صدق المقال وحسن مقاله وجعلك تتأثر به، ودعاك إلى أفضل الأعمال بسبب حُسن أعماله واتقانها على أتم وجه، فروي عن الإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام)، أنَّه قال: (خير إخوانك من دعاك إلى صدق المقال بصدق مقاله وندبك إلى أفضل الأعمال بحُسنِ أعماله)[10]، فهذا والعديد من الأقوال التي لا يسعنا ذكرها بحق الإخوان، فيجب على الفرد المسلم اختيار هكذا إخوان يحملون صفات الإسلام المحمدي الحقيقي ويتحلون بخُلقه.
وختاما، نحمد الله (تعالى)، وحده لا شريك له، والصَّلَاة والسَّلَام سيّدنا مُحَمَّد وآلِ مُحَمَّد الطَّيِّبين الطَّاهرين.
الهوامش:
[1]غُرر الحكم ودُرر الكلم للآمدي: 196.
[2] عيون الحكم والمواعظ لعَلِي بن مُحَمَّد اللَّيثي والواسطي: 239.
[3] المصدر نفسه: 238.
[4] غُرر الحكم ودُرر الكلم للآمديّ: 195.
[5] المصدر نفسه: 196.
[6] المصدر نفسه: 196.
[7] عيون الحكم والمواعظ لعَلِي بن مُحَمَّد اللَّيثي الواسطي: 238.
[8] المصدر نفسه: 239.
[9] المصدر نفسه: 238-239.
[10] المصدر نفسه: 239.