فضل زيارة الامام الحسين (عليه السلام) وثوابها وآثارها ( الجزء الاول)

مقالات وبحوث

فضل زيارة الامام الحسين (عليه السلام) وثوابها وآثارها ( الجزء الاول)

9K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 14-10-2019

الشيخ أحمد المعمار

الحمد لله  رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم  ومبغضيهم إلى يوم القيامة وبعد..
إنَّ الولاء لسيد الشهداء (عليه السلام) متحقق في قلوب شيعة أهل البيت (عليهم السلام)؛ ولاسيما في قلوب زائريه، وإنَّ لهذا الولاء الأجر الكبير والجزيل من الله تعالى، وآثاره يحصل عليه المؤمن في الدنيا والآخرة وسنتطرق إلى بعض الروايات الشريفة الواردة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الدالة على عظمة زيارة الإمام الحسين (عليه السلام)
1- ))عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا (سلام الله عليه): مَا لِمَنْ زَارَ قَبْرَ أَحَدٍ مِنَ الأئِمَّةِ (سلام الله عليهم) ؟ قَالَ: لَهُ مِثْلُ مَنْ أَتَى قَبْرَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (سلام الله عليه (قَالَ: قُلْتُ: وَمَا لِمَنْ زَارَ قَبْرَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (سلام الله عليه)؟ قَالَ (سلام الله عليه): الْجَنَّةُ وَاللَّهِ))([1]) .
وهذه الرواية لو أمعنا النظر فيها لوجدناها تشير بوضوحٍ إلى أنَّ زيارة سيد الشهداء (عليه السلام) هي من أعظم الزيارات فضلا عن بقية الزيارات الشريفة للائمة من ابناء الحسين عليهم السلام وهذا من الامور الاستثنائية لسيد الشهداء عليه السلام.
2- ((عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (سلام الله عليه) قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَيْسَ نَبِيٌّ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ إِلاّ يَسْأَلُونَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يُؤْذَنَ لَهُمْ فِي زِيَارَةِ الْحُسَيْنِ (سلام الله عليه)، فَفَوْجٌ يَنْزِلُ وَفَوْجٌ يَعْرُجُ))([2]).
وهنا يكشف الإمام الصادق (عليه السلام) بأسلوبٍ آخر عظمة زيارة الإمام الحسين (عليه السلام)، وذلك عن طريق بيان مطلب الأنبياء في السماء، وهم أفضل طبقة في الخلق بعد محمَّد وآله، ومع ذلك فهم يسألون الله تعالى في أن يأذن لهم لزيارة سيد الشهداء، وهذه الرواية تكشف لنا عن عظم النعمة التي نحن بها، وخصوصًا من يسكن بجنب الحسين (عليه السلام) أو في الأماكن المجاورة له، فهذه الفئة من الناس لا يمنعها شيء من الزيارة سوى النية والعزم والتوكل على الله تعالى، ويمكنها أن تحقِّق ما يرجوه الأنبياء في السماء كلَّ يومٍ أو كلَّ أسبوعٍ؛ بل متى ما يريدون وفي أيِّ وقتٍ يشتهون، ومن هنا أخوتي الأكارم علينا أن نبذل ما بوسعنا لزيارة سيد الشهداء عليه السلام وأن نحرص في الحضور إلى حرمه كلَّما سنحت لنا الفرصة؛ لنحظى بالمكان الرفيع عند الله تعالى وبالأجر الجزيل منه سبحانه .
3- ((عن ابن بكير عن أبي عبد الله (سلام الله عليه) قال: قلت له: إني أنزل الأرجان وقلبي ينازعني إلى قبر أبيك، فإذا خرجت فقلبي وجلٌ مشفق حتى أرجع، خوفاً من السلطان والسعاة وأصحاب المسالح، فقال: يا ابن بكير أما تحبّ أن يراك الله فينا خائفاً؟ أما تعلم أنه من خاف لخوفنا أظلّه الله في ظلّ عرشه، وكان محدّثه الحسين (سلام الله عليه) تحت العرش، وآمنه الله من أفزاع يوم القيامة، يفزع الناس ولا يفزع، فإن فزع وقّرته [قوّته] الملائكة، وسكّنت قلبه بالبشارة))([3])
وهذه الرواية صريحة بأن المؤمن لا ينبغي له ترك زيارة الحسين (عليه السلام) حتَّى مع الخوف على نفسه، وهي تؤيد المدَّعى  القائل بأنَّه في زمن العباسيين كانوا يأخذون ممن يريد زيارة سيد الشهداء (عليه السلام) ضريبةً، وهي عبارة عن قطع إحدى جوارحه، ومع ذلك فالمؤمنون الأخيار لم يتركوا زيارته حتَّى مع هذه الضريبة الاليمة المحرمة شرعًا، فكيف بنا ونحن اليوم ننعم بالأمن والأمان، وبذلك يكون الواجب علينا أكثر في إدامة زيارة الحسين (عليه السلام) والمداومة عليها . وفي رواية أخرى :
))يقول زُرَارَةَ: قُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ (سلام الله عليه): مَا تَقُولُ فِيمَنْ زَارَ أَبَاكَ عَلَى خَوْفٍ؟
قَالَ: يُؤْمِنُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْفَزَعِ الأكْبَرِ، وَتَلَقَّاهُ الْمَلائِكَةُ بِالْبِشَارَةِ، وَيُقَالُ لَهُ: لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي فِيهِ فَوْزُكَ))([4]) .
4- ((عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (سلام الله عليه): لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ حَجَّ دَهْرَهُ ثُمَّ لَمْ يَزُرِ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ؛ لَكَانَ تَارِكاً حَقّاً مِنْ حُقُوقِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله)؛ لأنَّ حَقَّ الْحُسَيْنِ فَرِيضَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ))([5]) .
وهذا النص الشريف العظيم الذي يدل على وجوب زيارة الامام الحسين (عليه السلام)، وبذلك يكون عدم الزيارة تركًا لحقٍّ من حقوق الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله)، فكما أنَّ الشهادة للنبي بالرسالة واجبة، وتركها يوجب السخط وعدم قبول الأعمال فكذلك زيارة الشهداء (عليه السلام)؛ فإنَّها توجب التقصير اتِّجاه حقوق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على الأمَّة .
5- ((عن عنبسة عن أبي عبد الله (سلام الله عليه) أنه قال: وكّل الله بقبر الحسين بن علي سبعين ألف ملك يعبدون الله عنده، الصلاة الواحدة من صلاة أحدهم تعدل ألف صلاة من صلاة الآدميين، يكون ثواب صلاتهم لزوّار قبر الحسين بن علي، وعلى قاتله لعنة الله والملائكة والناس أجمعين أبد الآبدين))([6]) .
وهذه هِبة إلهية لزوار الإمام الحسين (عليه السلام) من لدن الله تعالى، بأن جعل الملائكة يصلون ويكون ثواب صلواتهم للزائرين، فهنيئا ثم هنيئا لكم, وليس هذا فقط إنَّما يستقبلونه إذا أراد الزيارة، ويودعونه إذا أراد الانصراف، وإذا مرض عادوه، ويستغفرون له . وكلُّ هذا نجده في هذه الرواية الشريفة:
))عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ )سلام الله عليه): إِنَّ أَرْبَعَةَ آلافِ مَلَكٍ عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ (سلام الله عليه) شُعْثٍ غُبْرٍ يَبْكُونَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، رَئِيسُهُمْ مَلَكٌ يُقَالُ لَهُ مَنْصُورٌ، فَلا يَزُورُهُ زَائِرٌ إِلاّ اسْتَقْبَلُوه،ُ وَلا يُوَدِّعُهُ مُوَدِّعٌ إِلاّ شَيَّعُوهُ، وَلا مَرِضَ إِلاّ عَادُوهُ، وَلا يَمُوتُ إِلاّ صَلَّوْا عَلَى جِنَازَتِهِ، وَاسْتَغْفَرُوا لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ))([7]) .

وما ذكرناه من رواياتٍ يعدُّ نزرًا يسير ًا بالنسبة لما ورد عن الرسول والأئمَّة المعصومين في الحثِّ على زيارة الحسين (عليه السلام)، والتأكيد على بيان الأجر الجزيل لمن زاره وبكى على مصابه، ومن هنا نوصي أنفسنا أولًا ومن يصله كلامنا بأن لا نترك زيارة الحسين (عليه السلام) في كلِّ فرصةٍ تمكننا من ذلك، حتَّى ننال الدرجة الرفيعة عند الله تعالى، وعلينا في كلِّ زيارة أن نجدد العهد بأن نكون على منهج الحسين (عليه السلام) في عبادتنا وفي تعاملنا مع بعضنا بعضًا . جعلنا الله وإيَّاكم من أتباع الحسين (عليه السلام) في الدُّنيا والآخرة .
الهوامش:
([1]) مستدرك الوسائل: 10/183 .
([2]) فروع الكافي: 4/588 .
([3]) كامل الزيارات: 125 .
([4]) وسائل الشيعة: 14/456 .
([5]) التهذيب: 6/42 .
([6]) كامل الزيارات: 121 .
([7]) فروع الكافي: 4/581 .

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2997 Seconds