من الفكر الإداري عند الإمام علي (عليه السلام): الكُتّاب

مقالات وبحوث

من الفكر الإداري عند الإمام علي (عليه السلام): الكُتّاب

2K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 22-12-2021

بقلم: م. م. هدى ياسر سعدون

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وآله الطيبين الطاهرين.

الكُتّــاب
الكتاب، معروف والجمع كتب، وقد كتبت كتبًا وكتابًا، والكتاب الفرض والحكم[1]، والكتّاب جمع كاتب.

الصفات التي يضعها الإمام (عليه السلام) للكاتب:
عدّ الإمام (عليه السلام) الكُتّاب ضمن المؤسسات التي تنظم أمور الحاكم لأمته، فلذلك أوصى أن يكون الكاتب ذا صفات تؤهله لذلك:
«ثُمَّ انْظُرْ فِي حَالِ كُتَّابِكَ، فَوَلِّ عَلَى أُمُورِكَ خَيْرَهُمْ، وَاخْصُصْ رَسَائِلَكَ الَّتِي تُدْخِلُ فِيهَا مَكَائِدَكَ وأَسْرَارَكَ بِأَجْمَعِهِمْ لِوُجُودِ صَالِحِ الاَخْلاَقِ»[2].

فأول هذه الصفات بعد أن يختار أفضلهم، يقول ابن أبي الحديد: الكتّاب الذين يلون أمر الحضرة، يترسّلون عنه الى عماله وأمرائه، وإليهم معاقد التدبير وأمر الديوان، فأمره أن يتخير الصالح منهم، ومن يوثق على الاطلاع على الأسرار والمكايد والحيل والتدبيرات[3]. ثم يقول (عليه السلام):
«مِمَّنْ لاَ تُبْطِرُهُ الْكَرَامَةُ، فَيَجْتَرِىءَ بِهَا عَلَيْكَ فِي خِلاَف لَكَ بِحَضْرَةِ مَلاَ»[4].
ومن لا يبطره الإكرام والتقريب، فيطمع فيجترئ على مخالفته في ملأ من الناس والرد عليه، ففي ذلك من الوهن للأمير وسوء الأدب الذي انكشف الكاتب عنه مالا خفاء به»[5].
«وَلاَ تُقَصِّرُ بِهِ الْغَفْلَةُ عَنْ إِيرَادِ مُكَاتَبَاتِ عُمَّالِكَ عَلَيْكَ»[6].
ومن المؤهلات التي أشار إليها أن لا يكون غافلًا مقصرًا عن إيراد الرسائل التي ترد إليه من المكاتبات التي تصدر من العمال أو الولاة الآخرين، فيما حث الإمام (عليه السلام) على نقطة مهمة وهي «الوكالة في حال غياب الوالي أو الحكم» وذلك في حال لم يكن الوالي موجودًا فإن إجابة الكاتب في الموارد التي تتطلب منه الجواب فإنه يجب أن يجيب وكأنك موجودٌ[7]:
«وَإِصْدَارِ جَوَابَاتِهَا عَلَى الصَّوابِ عَنْكَ، وَفِيَما يَأْخُذُ لَكَ وَيُعْطِي مِنْكَ، وَلاَ يُضعِفُ عَقْداً اعْتَقَدَهُ لَكَ، وَلاَ يَعْجِزُ عَنْ إِطْلاَقِ مَا عُقِدَ عَلَيْكَ»[8].
ثم يقول (عليه السلام) بأمر في غاية الأهمية حيث إن الكاتب يجب عليه أن لا يتجاهل قدره، ويتجاوز حدوده، وأنه إذا لم يكن كذلك لم يعرف قدر الآخرين وذلك:
«وَلاَ يَجْهَلُ مَبْلَغَ قَدْرِ نَفسِهِ فِي الامُورِ، فَإِنَّ الْجَاهِلَ بِقَدْرِ نَفْسِهِ يَكُونُ بَقَدْرِ غَيْرِهِ أَجْهَلَ»[9].([10]).

الهوامش:
[1] الجوهري، تاج اللغة، مادة (كتب)، 1/281.
[2] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، رسالة (53)، 17/55.
[3] المصدر نفسه، 17/56.
[4] ابن ابي الحديد، رسالة (53)، 17/56.
[5] المصدر نفسه، 17/56.
[6] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، رسالة (53)، 17/56.
[7] قال الرشيد للكسائي: يا علي بن حمزة قد أحللناك المحل الذي لم تكن تبلغه همتك، فرونا من الأشعار أعفها، ومن الأحاديث أجمعها لمحاسن الأخلاق، وذاكرنا بآداب الفرس، والهند، ولا تسرع علينا الرد في ملأ، ولا تترك تثقيفنا، يُنظر: ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، 17/56.
[8] المصدر نفسه، رسالة (53)، 17/56.
[9] ابن أبي الحديد، رسالة (53)، 17/56.
([10]) لمزيد من الاطلاع ينظر: الفكر الإداري عند الامام علي عليه السلام في نهج البلاغة، هدى ياسر سعدون، طبعة مؤسسة علوم نهج البلاغة، العتبة الحسينية المقدسة: ص 243-245.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.3507 Seconds