بقلم: الشيخ محسن علي المعلم
((الحمد لله كما هو أهله، والصلاة والسلام على هداة الخلق إلى الحق، محمد وآله الطاهرين))
أما بعد:
تناولنا في المقال السابق بعض المؤهلات التي امتازت بها شخصية أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام ونكمل هنا ما تبقى من هذه المؤهلات، فكانت المثالية في كل خلق من أخلاقه عليه السلام.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: «أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَأمُومٍ إِمَامًا، يَقْتَدِي بِهِ، وَيَسْتَضِيءُ بِنُورِ عِلْمِهِ»[1].
فإمام حق يدعو الى الجنة وإلى صراط مستقيم، وإمام يهدي الى النار، ﴿وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ﴾.
«أَلاَ وَإِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ، وَمِنْ طُعْمِهِ بِقُرْصَيْهِ، أَلاَ وَإِنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ عَلَى ذلِكَ، وَلكِنْ أَعِينُوني بِوَرَع وَاجْتِهَادٍ، وَعِفَّةٍ وَسَدَادٍ».
وقد أكثر وكرر المقالة عن إعراضه عن الدنيا ومغرياتها في هذا الكتاب وغيره من خطبه وكتبه.
«وَلكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ، وَيَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَخَيُّرِ الأطْعِمَةِ، وَلَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوِ بِالْيَمَامَةِ مَنْ لاَ طَمَعَ لَهُ فِي القُرْصِ، وَلاَ عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ، أَوْ أَبِيتَ مِبْطَانًا وَحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى وَأَكْبَادٌ حَرَّى، أَوْ أَكُونَ كَمَا قَالَ القَائِلُ:
وَحَسْبُكَ دَاءً أَنْ تَبِيتَ بِبِطْنَةٍ وَحَوْلَكَ أَكْبَادٌ تَحِنُّ إِلَى القِدِّ
أَ أَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ: هذا أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ، وَلاَ أُشَارِكُهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ، أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ العَيْشِ»[2].
وقال (عليه السلام):
«فَمَا أَعْظَمَ مِنَّةَ اللَّهِ عِنْدَنَا حِينَ أَنْعَمَ عَلَيْنَا بِهِ سَلَفًا نَتَّبِعُهُ وَقَائِدًا نَطَأُ عَقِبَهُ، وَاللهِ لَقَدْ رَقَّعْتُ مِدْرَعَتِي هَذِهِ حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَاقِعِهَا، وَلَقَدْ قَالَ لِي قَائِلٌ: أَ لَا تَنْبِذُهَا عَنْكَ؟ فَقُلْتُ: اغْرُبْ عَنِّي فَعِنْدَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَى»[3].)[4].
الهوامش:
[1] نهج البلاغة، الكتاب 45/417. المداحض: المزالق.
[2] نهج البلاغة، خ192/299-300.
[3] نهج البلاغة، خ160/229.
[4] لمزيد من الاطلاع ينظر: الأخلاق من نهج البلاغة: الشيخ محسن علي المعلم، العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، ط1، ص 80 -81.