من صلاح الرعية أن يكون الوالي حليماً

مقالات وبحوث

من صلاح الرعية أن يكون الوالي حليماً

2K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 18-04-2022

بقلم: د. عبد الزهرة جاسم الخفاجي

الحمد لله حمد الشاكرين، والشكر لله شكر الذاكرين، والصلاة وأتم التسليم على خاتم النبيين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
وبعد:
إن من صلاح الراعي في تعامله مع الرعية أن لا يكون سريع الغضب شديد البطش بل أن يكون حليماً حكيماًولذلك يأمر الإمام علي (عليه السلام) مالكاً (رضي الله عنه) قائلا: «أَملك حمية أنفك وسورة حدك، وسَطْوَة يَدِكَ وَغرب لِسَانكَ»[1]؛  فالغضب الخارج عن سيطرة النفس يؤدي إلى الهلكة وقد حذر من هذه النهاية فقال: «إنكم إنْ أطعتم سورة الغضب أوردتم نهاية العطب»[2]  وعلى الإنسان بشكل عام والراعي بصورة خاصة أنْ يتحرس مما يؤدي به الى الغضب وأنْ يتجنب الانفعال ذلك «أنَّ الْغَضَبَ مِن الشَّيْطَانِ وَأنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنْ النَّارِ وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ»[3] والغضب يعني فقدان العقل؛ لأنَّ «من لم يملك غضبه لم يملك عقله»[4].
ولذلك فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ينصح من يغلبه الغضب أن يرجع إلى الله تعالى فيقول: «فإذا غضبت فأُقعد وتفكر في قدرة الرب على العباد وحلمه عنهم، وإذا قيل لك إتق الله فانبذ غضبك وراجع حلمك»[5].
ولم يترك الإمام علي (عليه السلام) أمر الغضب دون أنْ يضعَ له حلولاً تتضمن علاجه ومما وَصّى به الإمام علي (عليه السلام) قائلا: «داووا الغضب بالصمت والشهوة بالعقل»[6]. وإذا ما تناولنا الغضب من زاوية السلطة فإنّ «أعظم الناس سلطاناً على نفسه من قمع غضبه وآفات شهوته»[7]. ومن زاوية القوة فإنّ الإنسان القوي ليس الذي يمتلك القوة الجسدية وإنّما يمتلك القوة في السيطرة على نفسه عند انفجار غضبه كما قال رسول الله (صلى الله عليه واله): «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرْعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ»[8]) [9].

الهوامش:
[1]  شرح النهج، 17/113.
[2]  غرر الحكم، رقم 16 ص149.
[3]  سنن أبي داوود، ح 4784، 4/249.
[4]  ميزان الحكمة، 2/501.
[5]  تحف العقول، ص14.
[6]  غرر الحكم، رقم 13 ص204.
[7]  ميزان الحكمة، 2/150
[8]  البخاري، محمد بن إسماعيل (ت256هـ) صحيح البخاري , تحقيق: محمد زهير بن ناصر، ط1، 1422هـ، ح 6114، 8/ 28؛ مسلم بن الحجاج (ت261هـ)، صحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤآد عبد الباقي، بيروت، دار احياء التراث العربي، ح 2609، 4/2014.
[9] لمزيد من الاطلاع ينظر: صلاح الراعي وإصلاح الرعية قراءة في عهد الإمام علي عليه السلام إلى مالك الأشتر رضوان الله عليه: للدكتور عبد الزهرة جاسم الخفاجي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 85-88.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.3809 Seconds