بقلم: د. سعيد عكاب عبد العالي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من اصطُفي من الخلق، وانتُجب من الورى، محمد وآله أُلي الفضل والنُّهى.
وبعد:
قال ابنُ منظور في بيانِ معنى(الوَفْر): «الوَفْرُ مِنَ المَالِ والمَتَاعِ: الكثيرُ الواسعُ، وقِيلَ: هُو العامُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، والجَمْعُ وُفُورٌ؛ وقَدْ وفَرَ المالُ والنَّباتُ والشَّيءُ بِنَفْسِهِ وفْرًا ووُفُورًا ووفِرَةً. وفي حَدِيثِ عَلِيٍّ، (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ): ولَا ادَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْرًا، الوَفْرُ: المَالُ الكَثِيرُ»([1]).
وردتْ في النَّصِّ كلمـةٌ على زِنَةِ(فَعْل) هي(وَفْرًا)، وهي مِن أبنيةِ مَصادرِ الأفعال الثُّلاثيِّةِ، ومن بَابِ (وَعَدَ يعِدُ). قالَ أحمدُ بن مُحمَّد الفيُّوميُّ(ت770هـ)فِي معنَى(وَفَرَ):«وَفَرَ الشَّيْءُ يَفِرُ مِنْ بَابِ(وَعَدَ) وُفُورًا، تَمَّ وكَمُلَ، ووَفَرْتُهُ وفْرًا مِنْ بَابِ(وَعَدَ أَيْضًا)، أَتْمَمْتُهُ، وأَكْمَلْتُهُ، يَتَعَدَّى ولَا يَتَعَدَّى»([2]). وقد يُراد بـ(وَفْر) الكثرةُ في كُلِّ شيءٍ، قالَ الفيروز آباديّ(ت817هــ): «الوَفْرُ: الغِنَى، من المالِ والمَتاعِ: الكثيرُ الواسعُ، أو العامُّ من كلِّ شيءٍ»([3]).
دَلَّ المَصدرُ(وَفْرًا) على معنيينِ، وهما: (المالُ، والكثرةُ)، ولو جِيءَ بلفظ (المال) بدلًا من(الوَفْر) لمَا دلَّ علَى الكثرةِ والسِّعَةِ في الغنى. وهنا يمكنُ أنْ يُضافَ معنًى جديدٌ إلى(فَعْل) هو الكثرة.
2ـ (فَعَل) بفتح الفاءِ والعينِ، هِيَ صيغَةٌ قياسيَّةٌ في(فَعِل) اللَّازم([4])، وتكون سماعيَّةً في(فَعَلَ) لازمًا ومتعدِّيًا، وفي(فَعِل) المتعدِّي ـــــ إذا لم يدلَّا(فَعَلَ، وفَعِلَ المتعدِّيانِ) على حِرفةٍ أو ما في معناها ـــــ وفي(فَعُل)، وفي(فَعِل) اللَّازمِ، في غيرِ المعاني الَّتي حدَّدَها اللُّغويُّونَ لهذهِ الصِّيغةِ، ومن أمثلة ذلك: كرُم كرَمًا، وبطِرَ بطَرًا([5]))([6]).
الهوامش:
[1] لسان العربِ(وفر): 5/287، وينظر: شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 16/205.
[2] المصباح المنير في غريب الشرح الكبير(و ف ر): 2/666.
[3] القاموس المحيط(الوفر): 1/493.
[4] ينظر: شرح ابن عقيل: 2/123.
[5] ينظر: المهذب في علم التصريف: 211 ــ 212.
[6] لمزيد من الاطلاع ينظر: مرويات الامام علي عليه السلام في لسان العرب: سعيد عكاب عبد العالي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 77-78.