بقلم م. م. الشيخ محسن الخزاعي- جامعة الكوفة:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين أساس الدين وعماد اليقين.
أما بعد:
الاستغفار هو طلب المغفرة، والمغفرة هي الوقاية من شر الذنوب مع سترها، أي أنَّ الله عز وجل يستر على العبد فلا يفضحه في الدنيا ويستر عليه في الآخرة، وقد كثر ذكر الاستغفار في القرآن الكريم فتارة يأمر به كقوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}([1]) وتارة يمدح أهله كقوله تعالى: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالاسْحَارِ}([2]) وتارة يذكر الله عز وجل أنَّه يغفر لمن استغفره كقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أو يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيما}([3]).
إلا أنَّه لا يتحقق ما لم يستوف جملة من الشروط التي أوضحها الإمام أمير المؤمنين عليه السلام لقائل قال بحضرته (أستغفر الله) فقال الإمام: ((ثكلتك أمك أتدري ما الاستغفار، الاستغفار درجة العليين وهو اسم واقع على ستة معان: أولها الندم على ما مضى، والثاني العزم على ترك العود إليه أبداً، والثالث أنْ تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة، والرابع أنْ تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها، والخامس أنْ تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت َفتُذيبهُ بالأحزان حتى يلتصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد، والسادس أنْ تذيق الجسم ألمَ الطاعة كما أذقته حلاوةَ المعصية فعند ذلك تقول أستغفر الله))([4]).
وهكذا تعدد معاني الاستغفار في نهج البلاغة حتى بات لزاماً على بعض المفسرين في معرفة معنى الاستغفار وآثاره الرجوع إلى خطب الإمام ووصاياه في للإفادة منها)[5].
الهوامش:
([1]) البقرة، 199.
([2]) آل عمران، من الآية، 17.
([3]) النساء، 10.
([4]) نهج البلاغة، 4/ 97.
([5] )لمزيد من الاطلاع ينظر: أثر نهج البلاغة في تفاسير الإمامية، الشيخ محسن الخزاعي، طبعة مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة: ص 170-171.