بقلم: الباحثة زهراء حسين جعفر
الحمدُ لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالضياء، وقدمه في الاصطفاء، وجعله خاتم الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
فإن مما وَرَدَ في كتب غريب الحديث قوله عليه السلام: ((أَنَّهُ بَعَث رَجُلَيْن فِي وجْهٍ وَقَالَ: إنَّكما عِلْجَان فعَالِجَا عَنْ دِينِكُمَا)) [1].
التركيب الغريب الذي ورد في حديثه (عليه السلام)( إنَّكما عِلْجَان)، لفظة (العِلج) وردت في التهذيب بمعنى: ((الشديد من الرجال الصريع....،ويجمع علوجا ومعلوجى بالقصر....))[2]، والعِلْج: هُوَ: الرَّجُلُ القَوِيّ الضَّخْمُ، ويقال: عالَجَ الشَّيْء مُعالجة وعِلاجا: زاوله..، وعالَجَ عَنهُ: دَافع [3].
وأمَّا في كتب الغريب فقد تناولوا معنى (العلج)، قال السرقسطي (العِلْج): ((الشَّدَيد الْخلق، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: عِلْجٌ إِذَا خَرَّجَ وَجْهَهُ، وَغَلُظَ، قِيلَ قَدِ اسْتَعْلَجَ،...)) [4]، وقال الخطابي هو: (( الجافي الغليظ.، وهو الصلب الشديد))[5]، ويقال: (العلج) هو: الرجل العبل القوي الضخم والرجل الصريع[6]، وقال الزمخشري في قوله( إنَّكُمَا علجان فعالجا)، أَي: صلبان شَدِيدا الْأسر[7].وهذه الصلابة ليست من القوة وإنما من الغلظة، والسياق يؤكد ذلك في ضوء اللفظة التي جاءت بعده في قوله(عليه السلام)(عالجا)، أي: مارسا العمل الذي ندبتكما إليه واعْمَلا به أو جاهدا عَنْ دينكما ودافعا عنه [8]. وهذا ما كان يقصده الإمام (عليه السلام) ومنه عن رجل يقول: (( قد عالجت نفسي بكلّ ما وَصَفَه إليّ المترَفّعُون)) [9].وقد أدخل الإمام سعة على اللسان العربي أضفى معاني جديدة فقد كانت تستعمل للقوة والصلابة فتطورت دلالتها فهي تدل على الشديد الخُلُق والجافي، يتبين ذلك من فحوى كلام الإمام (عليه السلام) أراد أن يقومهما؛ لأن الغلظة والجلد الشديد واللؤم من الأخلاق المذمومة[10].
الهوامش:
[1] الدلائل في غريب الحديث: السرقسطي: 2/594، تهذيب اللغة: (علج)1/239،، غريب الحديث: الخطابي: 2/144، 3/321، الغريبين في القرآن والحديث: 4/1316، المحكم والمحيط الأعظم: (علج)1/321، الفائق في غريب الحديث: 3/23، غريب الحديث: ابن الجوزي: 2/122، النهاية في غريب الحديث والأثر: 3/286، لسان العرب: (علج)2/327، تاج العروس: (ع ل ج)6/109.
[2] تهذيب اللغة: (علج): 1/239، وينظر: الغريبين في القرآن والحديث: 4/1316، وقال الهروي: (يحتمل أن يكون إنكما علجان بضم العين وتشديد اللام، والعلج مشدد اللام). الغريبين في القرآن والحديث: 4/1316.
[3] ينظر: الغريبين في القرآن والحديث: 4/1316، المحكم والمحيط الأعظم: (علج)1/321، الفائق في غريب الحديث: 3/23،، النهاية في غريب الحديث والأثر: 3/286، لسان العرب: (علج)2/327، تاج العروس: (ع ل ج)6/109.
[4] الدلائل في غريب الحديث: 2/595.
[5] غريب الحديث: 2/144.
[6] ينظر: الغريبين في القرآن والحديث: 4/1316، غريب الحديث: ابن الجوزي: 2/122.
[7] ينظر: الفائق في غريب الحديث: 3/23.
[8] ينظر: الغريبين في القرآن والحديث: 4/1316، غريب الحديث: الخطابي: 2/144، الفائق في غريب الحديث: 3/23.
[9] غريب الحديث في بحار الأنوار: 2/122، المترفعون يعني الأطباء.
[10] مزيد من الاطلاع ينظر: كلام الإمام علي عليه السلام في كتب غريب الحديث/ دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية، تأليف زهراء حسين جعفر، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 110-111.