بقلم: الدكتور محمد سعدون عبيد العكيلي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
فمما رواه ابن ابي شيبة الكوفي عن محمد بن علي بن الحنفية أنه سمع علي بن أبي طالب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء، قلنا: يا رسول الله! ما هو؟ قال: نصرت بالرعب، وأعطيت مفاتيح الأرض، وسميت أحمد، وجعل لي التراب طهورا، وجعلت أمتي خير الأمم)[1]. ويذكر الشيخ الطوسي[2] ما يتفق مع التصريح الأول للرواية حيث يذكر: (وكل نبي إذا مات انقرضت معجزاته إلا نبينا (صلى الله عليه وآله) فإن معجزته بقيت إلى الحشر، وهي القرآن. ونصر بالرعب فقال عليه السلام: (نصرت بالرعب حتى أن العدو لينهزم على مسيرة شهر...). ويتفق السيوطي[3] مع الرواية نصاً ومضموناً. ويتفق الشوكاني[4] مع الرواية نصاً ومضموناً، و يذكر الطبرسي[5] الرواية ولكن بثلاث كرامات للرسول محمد (صلى الله عليه وآله): وعن علي (عليه السلام) أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أعطيت ثلاثا لم يعطهن نبي قبلي: نصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا).
ويختلف ابن شهر آشوب[6] بذكره للرواية حيث يذكرها بكرامة واحدة للرسول محمد (صلى الله عليه وآله) ويذكر فيها موقفًا وإشادة لمكانة الإمام علي (عليه السلام): (وقال النبي: نصرت بالرعب، وقال: يا علي الرعب معك يقدمك أينما كنت).
صفات الرسول محمد (صلى الله عليه وآله):
(... حدثنا إبراهيم بن محمد من ولد علي قال: كان علي إذا نعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)قال: لم يكن بالطويل المُمغط ولا بالقصير المتردد، كان ربعة من الرجال، ولا بالسبط، كان جعدا رجلا، ولم يكن (بالمطهم)[7] ولا (المكلثم)[8] كان جعد الشعر ولم يكن بالجعد (القطط)[9]، كان في الوجه تدوير، أبيض مشربا حمرة (أدعج العينين)[10]، أهدب الأشفار، جليل (المشاش)[11] و(الكتد)[12]، أجرد ذا (مسربة)[13] شثن الكفين والقدمين، إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صبب وإذا التفت التفت معا، بين كتفيه خاتم النبوة وهو خاتم النبيين، أجود الناس كفا وأجرؤ الناس صدرا، وأصدق الناس لهجة، وأوفى الناس بذمة، وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته: لم أر مثله قبله ولا بعده)[14]. ويتفق الترمذي[15] وبعض المصادر التاريخية التي اطلعنا عليها مع نص الرواية فيذكر: ( وبحذف الإسناد عن إبراهيم بن محمد من ولد علي (عليه السلام) قال: كان علي (عليه السلام) إذا نعت النبي (صلى الله عليه وآله) قال: لم يك بالطويل ولا بالقصير المتردد، وكان ربعة من القوم، ولم يك بالجعد القطط ولا السبط كان جعدا رجلا، ولم يك بالمطهم ولا المكلثم لا، وكان في وجهه تدوير، أبيض مشرب حمرة، أدعج العينين، أهدب الأشفار، جليل المشاش والكتد، أجرد ذا مسربة، شثن الكفين والقدمين، إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صبب، وإذا التفت التفت معا، بين كتفيه خاتم النبوة وهو خاتم النبيين، أجود الناس كفا وأجرأ الناس صدرا، وأصدق الناس لهجة وأوفى الناس ذمة، وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله (. ويختلف بالرواية المتقي الهندي[16] فيذكر صفات الرسول (صلى الله عليه وآله) كما نعته الإمام علي (عليه السلام) بسرد مختلف عما سبق فهو يذكر: (... عن نافع بن جبير عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال كان النبي (صلى الله عليه وآله) ضخم الهامة مشربا حمرة سثن الكفين والقدمين ضخم اللحية طويل المسربة ضخم الكراديس يمشى في صبب يتكفأ في المشية لا قصير ولا طويل لم أر قبله مثله ولابعده (صلى الله عليه وآله)). ويظهر باب الاختلاف في رواية (أحمد بن حنبل) أنه ذكر صفة الضخامة التي لم ترد في رواية ابن أبي شيبة الكوفي حيث ذكر: (ضخم الهامة، وضخم اللحية، و ضخم الكراديس).
الهوامش:
[1] الكوفي، المصنف، ج7، ص411.
[2] المبسوط في فقه الإمامية، صححه وعلق عليه: محمد الباقر البهبودي، ط2، المكتبة المرتضوية،
(طهران - 1388هـ)، ج4، ص154.
[3] تنوير الحوالك شرح على موطأ مالك، ضبطه وصححه: الشيخ محمد عبد العزيز الخالدي، ط1، دار الكتب العلمية، (بيروت - 1997م)، ص727.
[4] محمد بن علي بن محمد (ت1255هـ)، نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخبار، د- ط، دار الجيل، (بيروت - 1973م)، ج1، ص330.
[5] ميرزا حسين النوري (ت1320هـ)، مستدرك الوسائل، تحقيق: مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث، ط2، (بيروت - 1988م)، ج2، ص532.
[6] أبي عبد الله محمد بن علي (ت588هـ)، مناقب آل أبي طالب، تحقيق: لجنة من أساتذة النجف الأشرف، د- ط، المطبعة الحيدرية، (النجف الأشرف - 1956م)، ج3، ص54. وفلانٌ مُنْساحُ السرب: يُريدون شَعر صَدْرِه، ابن منظور، لسان العرب، ج1، ص465.
[7] لم يكن بالمطهم ولا بالمكلثم ( أي لم يكن بالمدور الوجه ولا بالموجن، ولكنه مسنون الوجه، الجوهري، الصحاح، ج5، ص1977.
[8] المُكَلْثَمُ: من الوجوه القَصِيرُ الحنكِ الدّاني الجَبهة المستدير الوجه، ابن منظور، لسان العرب، ج12، ص525.
[9] والقَطِطُ: الشدِيدُ الجُعُودةِ، أَي كان شعره وسَطاً بينهما، ابن منظور، لسان العرب، ج7، ص309.
[10] لدعج في العين: شدّة سوادها مع سعتها، الشاكري، الحاج حسين، موسوعة المصطفى والعترة (عليه السلام)، ط1، نشر الهادي، (قم - 1419هـ)، ج 14، هامش ص16.
[11] المشاش: رؤوس العظام كالمرفقين والكتفين والركبتين، الكليني، الكافي، ج6، هامش ص406.
[12] الكتد: ما بين الثبج إلى منصف الكاهل من الظهر، فإذا أشرف ذلك الموضع من الظهر فهو أكتد، الفراهيدي، العين، ج5، ص325.
[13] وفي حديث صفةِ النبيّ، (صلى الله عليه وآله): كان دَقِيقَ المَسْرُبَة؛ وفي رواية: كانَ ذا مَسْرُبَة.
[14] ابن أبي شيبة، المصنف، ج7، ص445.
[15] ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج1، ص411؛ البلاذري، أنساب الأشراف، تحقيق: محمد حميد الله، د- ط، دار المعارف، (مصر - 1959م)، ج1، ص391- ص392 أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة (ت 279هـ)، الجامع الصحيح، تحقيق: عبد الرحمن بن عثمان، ط2، دارالفكر، (بيروت - 1983م)، ج5، ص260؛ وينظر: الكوفي، أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي (ت283هـ)، الغارات، تحقيق: جلال الدين المحدث، د- ط، (د- م، د- ت)، ج1، ص161؛ المجلسي، بحار الأنوار، ج16، ص203.
[16] منتخب كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، د- ط، دار صادر، (بيروت، د- ت)، ج1، ص133؛ ينظر: ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج3، ص251 وما بعدها.