بقلم: د. سعيد عكاب عبد العالي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من اصطُفي من الخلق، وانتُجب من الورى، محمد وآله أُلي الفضل والنُّهى.
وبعد:
قالَ ابنُ منظور في بيان معنى كلمةِ(قَسْر):«القَسْرُ: القَهْرُ عَلَى الكُرْه، قَسَرَه يَقْسِرُه قَسْرًا واقْتَسَرَه: غَلَبه وقَهَره، وقَسَرَه عَلَى الأَمر قَسْرًا: أَكرهه عليه، واقْتَسَرْته أَعَمُّ، وفي حَدِيثِ عَلِيٍّ، (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ): مَرْبُوبونَ اقْتِسارًا، الاقْتِسارُ افْتِعال مِنَ القَسْر، وهو القَهْرُ والغَلَبَةُ».
في النَّصِّ كلمة(اقْتِسَارًا) على وزنِ(افْتِعَالًا)، هِي مصدرٌ للفعلِ الثُّلاثيّ المزيدِ بحرفينِ(الهمزة والتَّاء)، ومعنى(الاقْتِسَار)، القهرُ والغلَبةُ، قالَ ابـــنُ فارس:«القَافُ والسِّينُ والرَّاءُ يَدُلُّ عَلَى قَهْرٍ وغَلَبَةٍ بِشِدَّةٍ. مِنْ ذَلِكَ القَسْرُ: الغَلَبَةُ والقَهْرُ»([1]).
جَاءَ تعبيرُ الإمام (عليه السَّلام)، بالمصدرِ(اقْتِسَارًا) ليصفَ حالَ العبادِ المملوكينَ بالقوَّةِ، والمغلوبِ على أمرِهم ومَشيئتِهِم. ومهما بلغوا من القوَّةِ والسُّلطانِ، فهم عبادهُ، لا يخرجون عن إرادته (جلَّ جَلالُهُ)، وإِنْ طالَ بهم الزَّمنُ وارتفعتِ الأقدارُ، وهذا المعنى يَتناسبُ والمصدرَ(اقْتِسَارًا)؛ لأنَّهُ دلَّ على المُطَاوعةِ الخاليَةِ من الزَّمنِ المُحدَّدِ. قالَ الخوئيّ في معنى الحديث: «أيْ: مملوكون من قهر وغلبة، وربَّاهم الله سبحانه من صغرهم إلى كبرهم لا عن اختيار منهم حتَّى يكون لهم الخيرة في معصية ربِّهم ومالكهم»([2]))([3]).
الهوامش:
[1] المقاييس(قسر): 5/88.
[2] منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة: 5/384.
[3] لمزيد من الاطلاع ينظر: مرويات الامام علي عليه السلام في لسان العرب: سعيد عكاب عبد العالي، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص84.