المجتمع وحالته في فكر الإمام علي (عليه السلام) ضرورة الحكومة في فكر الإمام علي (عليه السلام)

مقالات وبحوث

المجتمع وحالته في فكر الإمام علي (عليه السلام) ضرورة الحكومة في فكر الإمام علي (عليه السلام)

1K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 27-12-2023

بقلم: د. جليل منصور العريَّض

الحمد لله على ما أنعم وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدم والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطاهرين.

أما بعد:
تجنباً لتكرار ما عرضنا له بشأن ضرورة الحكومة في فكر الإمام علي عليه السلام[1] يجدر بنا أن نشير إلى أن موضوع الحكومة وأن أُدرج في فكر علي عليه السلام السياسي، الا ان الجانب الاجتماعي هو الغالب عليه لكون سياسة علي عليه السلام اجتماعية بحتة، هدفها بناء المجتمع على أسس التكافل والتضامن والعدل، فلا القرابة تعطي لاحد حق الافضلية[2]، ولا تكون الصداقة مدعاة لإعطاء ما لا حق له فيه[3]، ولا الانتماء إلى جنس معين يعطي لأحد في التمايز على غيره[4] والحكومة العادلة هي التي تضمن كل ذلك فهي على هذا الأساس ضرورية، يقول علي عليه السلام: «لابد من إمارة ولا يزال أمرنا متماسكاً ما لم يشتم آخرنا أولنا، فإذا خالف آخرنا أولنا وأفسدوا هلكوا وأهلَكوا»[5] فالحكومة ـ كما يتضح من قول علي عليه السلام ـ مؤسسة اجتماعية هدفها تنظيم العلاقات، ومتى اختل النظام بين المؤسسة وبين أفرادها جراء انحراف في أحد الطرفين، فإن ذلك يؤدي حتماً إلى الفوضى واختلال النظام، لأن الحكومة ـ في فكر علي عليه السلام ـ لم تنشأ لحماية حقوق فئة معينة، ولا يمكنها أن تكون أداة توازن بين جميع فئات المجتمع إلا إذا وضعت في حسبانها أن النظام والقانون يطبقان على الجميع دون استثناء لأن الحكومة في الإسلام تقيم العلاقات بين الناس وتنظمها لصالح «الجميع بلا استثناء، إن أمكن، وإلا قدم صالح الأغلبية على الأقلية»[6] فالحكومة بتلك الصورة تجعل الحاكم مراقباً لتصرفات الفئات المستغلة للحد من جموحها في التمادي في اقتناء الثروات على حساب الفئات المستضعفة لذلك رأى علي عليه السلام أن يوضح الصورة لأولئك المترفين حين عرضوا عليه الخلافة بعد مقتل عثمان وذلك في قوله «ألا لا يقولن رجال منكم غداً قد غَمَرتهم الدنيا فاتخذوا العَقار وفجروا الأنهار، وركبوا الخيول الفارهة، واتخذوا الوصائفَ الرَّوِقَة، فصار ذلك عليهم ناراً وشَناراً، إذا ما مَنَعتهم ما كانوا يخوضون فيه، وأصرتهم إلى حقوقهم التي يعلمون، فينقمون ذلك وينكرونه ويقولون: حرمنا ابن أبي طالب حقوقنا»[7]وعليه فإن أسس العلاقات الاجتماعية بين الحاكم والامة في فكر علي عليه السلام تنحصر في نقطتين)[8].

الهوامش:
[1] راجع ص 166 وما بعدها من هذا البحث.
[2] راجع خطب ـ 221 ـ الفقرة الثانية ما جاء فيها بشأن معاملة علي عليه السلام لأخيه عقيل حين استماحه شيئا من أموال المسلمين.
[3] راجع خطب ـ 225 بشأن رد علي عليه السلام على صاحبه عبد الله بن زمعة حين استماحه العطاء من أموال المسلمين.
[4] راجع ص 241 وما بعدها و ص 300 وما بعدها من هذا البحث.
[5] رواه ابن مزاحم في صفين ص 15 وليس في نهج البلاغة.
[6] محمد جواد مغنية - في ظلال النهج: 4/97.
[7] رواها ابن أبي الحديد شرحه 7/37 وليست من ضمن نصوص نهج البلاغة.
[8] لمزيد من الاطلاع ينظر: فكر الإمام علي عليه السلام كما يبدو في نهج البلاغة: للدكتور جليل منصور العريّض، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 364-365.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2365 Seconds