بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان
((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
أما بعد
الدعوة إلى اعتماد موازنة متعادلة الطرفين بالشكل الذي يضمن الانسيابية والاستقرار الاقتصادي ولا يضر بالمستوى المعيشي بما يهدد الوضع الاجتماعي من جهات كثيرة.
وذلك يعني أن يتعود الإنسان على الاتفاق في ضرورياته وما يحتاجه ولو كانت من الكماليات الثانوية ولكن لا بتعدي الحدود المعقولة لذلك، ولا بتجاوز ولا بإفراط بما يشكل علامة سلبية ضده فيوصف بعدم التوازن أو السفه أو قلة التدبير أو سوء التوزيع أو عدم القدرة على الانضباط وكل ذلك بل بعض ذلك كفيل بتقليل فرص الاعتماد عليه اجتماعياً أو مهنياً.
لأن الناس اتفقوا بحسب الحالة الطبيعية المودعة لديهم على جلب المصلحة ودفع المفسدة بمختلف الصور والمظاهر، ومن الواضح أن صرف المال من دون توازن، وصرف ما يفي باللازم وإبقاء غيره يعد من المصلحة، ومن لم يوافقهم على ذلك – ولو لحالة طارئة عليه – فلا يعاملونه ولا يستأمنونه، وفي ذلك من الضرر بشخصية الفرد ما هو أوضح من أن يخفى على أحد.
فلا بد من أن نتصور فارقاً بين أن ينفق الإنسان على ما يريد ولكنه لا يسرف بمعنى انه لا يتجاوز الحد المعقول، وبين أن ينفق بالشكل الذي يتعدى معه الحد المعقول فيصبح مبذراً مفرقاً للمال من دون ما حكمة ومنفعة وعائدة.
فمن الواضح أن البذل مع التقدير والحساب ومراجعة الميزانية لا ينافي مع قواعد الجود والكرم أو البذل الوجاهي بل إن ذلك يعني الانضباط والنظام اللذين يعززان الثقة بالفرد وقدرته على التقدير من دون ما تقتير وتضييق في النفقة.
بالالتزام بهذه الموازنة يضمن عيشاً مستقراً، مناسباً، مسايراً للوضع الخاص بكل فرد أو مجتمع لأن النسبة يتحكم بها نفس الشخص بقيمومة العقل ورعاية الضمير. فهو يتماشى مع وضعه الاقتصادي بالشكل الذي لا يرهقه من أمره عسراً كي لا يحتاج إلى اقتراض او استيهاب أو تحايل ونحو ذلك من وجوه تحصيل المال المحللة أو المحرمة، فإن الإنسان إن سيطر على رغباته ووازن بين وارده وصادره تمكن جيداً من الإنفاق من دون ما جحاف ولا تقصير[1].
الهوامش:
[1] لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ص271-273.