بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان
((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
أما بعد
يمكن ان نستفيد من هذه الحكمة معنيين قد يهدف إلى كل منها قسم من المتأملين في الحكمة:
الأول: إنها دعوة إلى عدم استعمال اللسان بالمعصية، لأنه نعمة([1]) أنعمها الله تعالى على عبده، يمكنه من خلاله التوصل إلى توضيح المقاصد والتفاهم مع القريب والتصويت للبعيد و... و... مما يدخل في مهمات البيان والتعبير، وأيضا يمكن من خلاله تذوق الطعوم وإدراك الحرارة والبرودة والحلاوة والمرارة كما يساعد على المضغ والبلع والذوق.
وهذ المنافع مهمة جداً في حياة الفرد ولها دور كبير في تسيير وضعه اليومي، ولو تعطلت أو افتقدها فسوف يعاني في سبيل التعويض والوصول إلى المطلوب بل يعاني كثيراً حتى ينسجم مع البديل المعوض.
فالإمام عليه السلام – على هذا المعنى الأول – يريد إشعار الإنسان بأهمية اللسان البالغة، فعليه أن يعرف قدر ذلك لا يستغله في المعصية سواء كانت أكل او شرب بعض المحرمات المنهي عنها شرعاً أو التعبير به عن الأفكار الهدامة والمسمومة التي تروج للإلحاد أو الباطل عامة؛ لأن استغلال اللسان في ذلك يعني استغلاله في غير الجهة المخصصة أو المرجوة له، فإنه تعالى لا يحب الباطل بكافة أشكاله ومظاهره ومختلف مستوياته وغاياته.
الثاني: أنها دعوة لاحترام من كان تولى التربية وكان يقوم بدور المعلم منذ البداية و النشأة الكفرية للإنسان ملتزماً جانب الأدب ومتبعاً قواعد اللياقة والاحترام فلا يتسلط ولا يتعالى عليه يوماً من الأيام في مقال أو مجلس أو...أو... لأن أساس هذه القدرة المتنامية من تعليم المعلم، فلا بد من حفظ ذلك الوفاء معه ولا يعقل أن يجرب ذلك مع المعلم الذي يعود فضل التفوق إليه.
إذن فالحكمة تدعو إلى حفظ الحق وعدم تناسيه سواء كان للخالف تعالى لأنه المنعم، أو للمؤدب المعلم لأنه الذي حاول تطبيع الإنسان (المادة الخام) وتحويله إلى مفكر له أفقه الخاص في التفكير والتحرك نحو عالم أوسع)([2]).
الهوامش:
([1]) ذكر د. خالص جلبي في كتاب الطب محراب الإيمان ج1/ ص 228 (ولننظر الآن إلى هذ اللسان العجيب الذي يحتوي على (17) عضله للحركة، وعلى غشاء مخاطي يغلفه، وعصب خاص لتحريكه في كل نصف، أي عصبان رأسيان هما العصب تحت اللسان الكبير في كل جانب و (6) ستة أعصاب لنقل الحس...).
([2]) لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ص276-278.