بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان
((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
أما بعد
يحرص كثير من الناس على القيام ببعض الأمور الثانوية بينما يتقاعس ويتماهل عن الأساسيات بما يجعله يخسر الثمرة ولا يربح من أتعابه شيئاً يذكر يستحق كل ذاك الجهد الجهيد، وهذا أمر منطقي في جميع المجالات يصح الحكم به حتى في العبادات، فالكل يعرف ان الله تعالى أوجب الصلاة والصوم والحج والزكاة والخمس والجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وموالاة آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعاداة أعدائهم، مضافاً إلى بر الوالدين وصلة الرحم وصدق الحديث وأداء الأمانة والإنفاق على النفس والزوجة والولد، والوالدين – أحياناً – وحفظ الجوار والإنصاف والعدل وغير ذلك.
ولكن قد يتجاوز ذلك ليأتي بما هو أقل أهمية فمثلاً يصرف الوقت الطويل أو المال الكثير في تأدية الصلاة المستحبة أو المبرات والمشاركة في المشاريع الخيرية إلا أنه في الوقت ذاته لا يحسن أداء الصلاة بالشكل المطلوب المجزي، أو لا يؤدي الحق المفروض في أمواله المنقولة وغيرها، النقدية والأعيان، فيقصر من هذا الجانب الذي سيحاسب عليه حتماً والذي لا يسد مسده ذلك العمل المستحب الذي إنما يؤتى به لأجل تتميم نواقص الواجبات وترميم الوضع العام ليحصل على نتيجة ثواب أجزل وأفضل، ولذا فإن النافلة تتدارك الفريضة من حيث الملاك لا الامتثال، فمن لم يؤد أصلاً أو تسامح مكتفياً بالنافلة استحق على ذلك المساءلة بل العقوبة.
فلم تبق هناك فائدة ولم تكن مقربة ولا نافعة لأنها قد ألقت بضلالها على الواجبات المفروضة فأدت إلى إعدادها إعداداً ناقصاً مما يعني عدم الامتثال المسقط للتكليف.
وكذا من يعين المحتاجين ويترك والدية أو قريبه، أو من ينفق على أصدقائه ويمسك عن عائلته مع أن الإنفاق عليهم واجب، أو غير ذلك من الأمثلة التي تدخل تحت عنوان النوافل، جمع النافلة وهي: (ما تفعله مما لم يفرض ولم يجب عليك فعله) أو كل (زيادة على الفريضة)([1])، وتحت عنوان الفرائض، جمع الفريضة وهي: (ما أوجب الله على عباده)([2]).
فلابد من الاهتمام بتأدية الفرائض في جوانب الحياة المتعددة ثم إتمامها بالنوافل والأعمال التي يؤتى بها تقرباً إلى لله تعالى وطلباً لمرضاته واستزادة من الأجر والواثب الأخروي.
إذ ليس من المهم استقصاء النوافل بقدر ما يهمنا امتثال الفرائض لأن هذه تستعقب العقوبة وتلك تستعقب الا جر والمثوبة ولملهم عقلاً دفع العقوبة إذا زاحم جل بالمثوبة([3]).
الهوامش:
([1]) المصباح المنيرج2/850.
([2]) المنجد ص 577 مادة (فرض).
([3]) لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ص 294-296.