موقف الامام علي (عليه السلام) في فتح خيبر

مقالات وبحوث

موقف الامام علي (عليه السلام) في فتح خيبر

27K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 07-04-2016

موقف الامام علي (عليه السلام) في فتح خيبر

قصة فتح خيبر [تفسير مجمع البيان الطبرسي,ج9, ص180].

لما قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) المدينة من الحديبية مكث بها عشرين ليلة ثم خرج منها غاديا إلى خيبر ذكر ابن إسحاق بإسناده عن أبي مروان الأسلمي عن أبيه عن جده قال خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى خيبر حتى إذا كنا قريبا منها و أشرفنا عليها قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قفوا فوقف الناس فقال اللهم رب السماوات السبع و ما أظللن و رب الأرضين السبع و ما أقللن و رب الشياطين و ما أضللن إنا نسألك خير هذه القرية و خير أهلها و خير ما فيها و نعوذ بك من شر هذه القرية و شر أهلها و شر ما فيها أقدموا باسم الله و عن سلمة بن الأكوع قال خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى خيبر فسرنا ليلا فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع أ لا تسمعنا من هنيهاتك و كان عامر رجلا شاعرا فجعل يقول :

لا هم لو لا أنت ما حجينا                   و لا تصدقنا و لا صلينا

فاغفر فداء لك ما اقتنينا                    و ثبت الأقدام إن لاقينا

و أنزلن سكينة علينا                        إنا إذا صيح بنا أتينا

و بالصباح عولوا علينا فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) من هذا السابق قالوا عامر قال يرحمه الله قال عمر و هو على جمل له وجيب يا رسول الله لو لا أمتعتنا به و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ما استغفر لرجل قط يخصه إلا استشهد قالوا فلما جد الحرب و تصاف القوم خرج يهودي و هو يقول :

قد علمت خيبر أني مرحب                 شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلهب فبرز إليه عامر و هو يقول :

قد علمت خيبر أني عامر                       شاكي السلاح بطل مغامر 

فاختلفا ضربتين فوقع سيف اليهودي في ترس عامر و كان سيف عامر فيه قصر فتناول به ساق اليهودي ليضربه فرجع ذباب سيفه فأصاب عين ركبة عامر فمات منه قال سلمة فإذا نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقولون بطل عمل عامر قتل نفسه قال فأتيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) و أنا أبكي فقلت قالوا إن عامرا بطل عمله فقال من قال ذلك قلت نفر من أصحابك فقال كذب أولئك بل أوتي من الأجر مرتين قال فحاصرناهم حتى أصابتنا مخمصة شديدة ثم إن الله فتحها علينا و ذلك أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أعطى اللواء عمر بن الخطاب و نهض من نهض معه من الناس فلقوا أهل خيبر فانكشف عمر و أصحابه فرجعوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يجبنه أصحابه و يجبنهم و كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أخذته الشقيقة فلم يخرج إلى الناس فقال حين أفاق من وجعه ما فعل الناس بخيبر فأخبر فقال لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه و روى البخاري و مسلم عن قتيبة عن سعيد قال حدثنا يعقوب عن عبد الرحمن الإسكندراني عن أبي حازم قال أخبرني سعد بن سهل أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال يوم خيبر لأعطين هذه الراية غدا رجل يفتح الله على يديه يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله قال فبات الناس يدوكون بجملتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) كلهم يرجون أن يعطاها فقال أين علي بن أبي طالب فقالوا يا رسول الله هو يشتكي عينيه قال فأرسلوا إليه فأتي به فبصق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في عينيه و دعا له فبرأ كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية فقال علي (عليه السلام) يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا أمثلنا قال أنفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام و أخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فو الله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من يكون لك حمر النعم قال سلمة فبرز مرحب و هو يقول :

قد علمت خيبر أني مرحب الأبيات فبرز له علي (عليه السلام) و هو يقول :

أنا الذي سمتني أمي حيدرة          كليث غابات كريه المنظرة

أو فيهم بالصاع كيل السندرة فضرب مرحبا ففلق رأسه فقتله و كان الفتح على يده أورده مسلم في الصحيح و روى أبو عبد الله الحافظ بإسناده عن رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال خرجنا مع علي (عليه السلام) حين بعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم فضربه رجل من اليهود فطرح ترسه من يده فتناول علي باب الحصن فتترس به عن نفسه فلم يزل في يده و هو يقاتل حتى فتح الله عليه ثم ألقاه من يده فلقد رأيتني في نفر مع سبعة أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما استطعنا أن نقلبه و بإسناده عن ليث بن أبي سليم عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) قال حدثني جابر بن عبد الله أن عليا (عليه السلام) حمل الباب يوم خيبر حتى صعد المسلمون عليه فاقتحموها و أنه حرك بعد ذلك فلم يحمله أربعون رجلا قال و روي من وجه آخر عن جابر ثم اجتمع عليه سبعون رجلا فكان جهدهم أن أعادوا الباب و بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال كان علي (عليه السلام) يلبس في الحر و الشتاء القباء المحشو الثخين و ما يبالي الحر فأتاني أصحابي فقالوا إنا رأينا من أمير المؤمنين (عليه السلام) شيئا فهل رأيت فقلت و ما هو قالوا رأيناه يخرج علينا في الحر الشديد في القباء المحشو الثخين و ما يبالي الحر و يخرج علينا في البرد الشديد في الثوبين الخفيفين و ما يبالي البرد فهل سمعت في ذاك شيئا فقلت لا فقالوا فسل لنا أباك عن ذلك فإنه يسمر معه فسألته فقال ما سمعت في ذلك شيئا فدخل على علي (عليه السلام) فسمر معه ثم سأله عن ذلك فقال أ و ما شهدت خيبر قلت بلى قال أ فما رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) حين دعا أبا بكر فقعد له ثم بعثه إلى القوم فانطلق فلقي القوم ثم جاء بالناس و قد هزم فقال بلى قال ثم بعث إلى عمر فقعد له ثم بعثه إلى القوم فانطلق فلقي القوم فقاتلهم ثم رجع و قد هزم فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لأعطين الراية اليوم رجلا يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله يفتح الله على يديه كرارا غير فرار فدعاني فأعطاني الراية ثم قال اللهم اكفه الحر و البرد فما وجدت بعد ذلك حرا و لا بردا و هذا كله منقول من كتاب دلائل النبوة للإمام أبي بكر البيهقي ثم لم يزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يفتح الحصون حصنا حصنا و يجوز الأموال حتى انتهوا إلى حصن الوطيح و السلالم و كان آخر حصون خيبر افتتح و حاصرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بضع عشرة ليلة قال ابن إسحاق و لما افتتح القموص حصن ابن أبي الحقيق أتي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بصفية بنت حيي بن أخطب و بأخرى معها فمر بهما بلال و هو الذي جاء بهما على قتلي من قتلي يهود فلما رأتهم التي معها صفية صاحت و صكت وجهها و حثت التراب على رأسها فلما رآها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال أعزبوا عني هذا الشيطانة و أمر بصفية فحيزت خلفه و ألقى عليها رداءه فعرف المسلمون أنه قد اصطفاها لنفسه و قال (صلى الله عليه وآله وسلّم) لبلال لما رأى من تلك اليهودية ما رأى أنزعت منك الرحمة يا بلال حيث تمر بامرأتين على قتلي رجالهما و كانت صفية قد رأت في المنام و هي عروس بكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق أن قمرا وقع في حجرها فعرضت رؤياها على زوجها فقال ما هذا إلا أنك تتمنين ملك الحجاز محمدا و لطم وجهها لطمة اخضرت عينها منها فأتي بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و بها أثر منها فسألها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ما هو فأخبرته و أرسل ابن أبي الحقيق إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنزل فأكلمك نعم فنزل و صالح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) على حقن دماء من في حصونهم من المقاتلة و ترك الذرية لهم و يخرجون من خيبر و أرضها بذراريهم و يخلون بين رسول الله و بين ما كان لهم من مال و أرض على الصفراء و البيضاء و الكراع و الحلقة و على البز إلا ثوبا على ظهر إنسان و قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فبرئت منكم ذمة الله و ذمة رسوله إن كتمتموني شيئا فصالحوه على ذلك فلما سمع بهم أهل فدك قد صنعوا ما صنعوا بعثوا إلى رسول الله يسألونه أن يسيرهم و يحقن دماءهم و يخلون بينه و بين الأموال ففعل و كان ممن مشى بين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و بينهم في ذلك محيصة بن مسعود أحد بني حارثة فلما نزل أهل خيبر على ذلك سألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن يعاملهم الأموال على النصف و قالوا نحن أعلم بها منكم و أعمر لها فصالحهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) على النصف على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم و صالحه أهل فدك على مثل ذلك فكانت أموال خيبر فيئا بين المسلمين و كانت فدك خالصة لرسول الله لأنهم لم يوجفوا عليها بخيل و لا ركاب و لما اطمأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أهدت له زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم و هي ابنة أخي مرحب شاة مصلية و قد سألت أي عضو من الشاة أحب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقيل لها الذراع فأكثرت فيها السم و سمت سائر الشاة ثم جاءت بها فلما وضعتها بين يديه تناول الذراع فأخذها فلاك منها مضغة و انتهش منها و معه بشر بن البراء بن معرور فتناول عظما فانتعش منه فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ارفعوا أيديكم فإن كتف هذه الشاة تخبرني أنها مسمومة ثم دعاها فاعترفت فقال ما حملك على ذلك فقالت بلغت من قومي ما لم يخف عليك فقلت إن كان نبيا فسيخبر و إن كان ملكا استحرت منه فتجاوز عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و مات بشر بن البراء من أكلته التي أكل قال و دخلت أم بشر بن البراء على رسول الله تعوده في مرضه الذي توفي فيه فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم) يا أم بشر ما زالت أكلة خيبر التي أكلت بخيبر مع ابنك تعاودني فهذا أو أن قطعت أبهري و كان المسلمون يرون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) مات شهيدا مع ما أكرمه الله به من النبوة .

 

المقالة السابقة المقالة التالية

Execution Time: 0.2637 Seconds