بقلم السيد نبيل الحسني الكربلائي
الحلقة الثالثة مناقشة قول الحافظين مسلم النيسابوري صاحب الصَّحِيح والنووي الشَّافعي :
أولاً: مناقشة قول الحافظ مسلم النيسابوري صاحب الصحيح:
أما قول مسلم بن الحجاج النيسابوري صاحب (الصحيح) فقد أورده من دون سند فقد أدخله على الحديث وأقحمه فيه إقحاماً وهو كما واضح يُعد تدليساً في الحديث، إذ قال:
حدثنا عمرو بن علي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا همام عن أبي التياح قال: سمعت عبد الله بن الحارث يحدث عن حكيم بن حزام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمثله (قال مسلم بن الحجاج ولد حكيم بن حزام في جوف الكعبة، وعاش مائة وعشرين سنة).
حدثنا يحيى بن يحيى ويحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر قال يحيى بن يحيى أخبرنا وقال الآخرون حدثنا إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار انه سمع ابن عمر يقول ذكر رجل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه يخدع في البيوع..)([1]).
وهذا الأسلوب لا يدل على صحة هذا القول وإنما يعبر عن رأي مسلم النِّيسابوري الذي أقحمه فيما بين الحديثين ولو وجد مسلم بن الحجاج لولادة حكيم بن حزام أصلاً وسنداً لأوردها من دون تردد، لكنَّه عمد إلى الالتفاف على الحديث وعلى القارئ لتمرير ما يعتقد به في ولادة حكيم بن حزام ونقض ولادة الإمام عَلِيّ بن أبي طالب (عليه السَّلَام).
ثانيا: مناقشة قول الحافظ النووي
اعتمد الحافظ النووي في تمرير القول بولادة حكيم بن حزام على صرف انتباه القارئ إلى لفظ المنقبة كي يوقعه في وهم تصديق هذه الحادثة انطلاقاً مما يرتكز في ذهن المسلم من دلالات للفظ (المنقبة).
ولكي يرفع النووي هذا الوهم إلى رتبة الظن ــ على الأقل ــ اعتمد على ربط الحادثة بعهدة بعض العلماء قائلاً: (قال بعض العلماء ولا يعرف أحد شاركه في هذا)([2]).
فجعل القارئ يسلّم للأمر بين قيود لفظين وهما (المنقبة) و(العلماء).
في حين كان يلزم به ولو من قبيل الأمانة العلمية فضلاً عما تفرضه الأمانة الشرعية من بيان للحقائق وإظهارها وحرمة كتمانها، أن يذكر للقارئ من هؤلاء العلماء الذين قالوا: ولا يعرف أحد شاركه في هذا)!!
وأي علماء هؤلاء وهم لا يعرفون أحد شاركه في هذا وكأنهم من علماء اليهود والنصارى وحتى هؤلاء فقد سمعوا وعرفوا أن هناك رجلاً آخر شارك حكيم بن حزام ــ على الأقل في الرواية ــ بولادته في الكعبة وهو الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.
إلا أن هؤلاء (العلماء) الذين لا يعرفون عَلِيّ بن أبي طالب (عليه السَّلَام) ولم يسمعوا به فهم ليسوا من أهل هذا الكوكب، وذلك أن علماء جميع المذاهب قد عرفوا عَلِيّ بن أبي طالب (عليه السَّلَام) سوى هؤلاء الشّيوخ الذين أخذ عنهم هذا الحديث فقد جهلوا عَلِيًّا (عليه السَّلَام) أو تجاهلوه.
ولأن هؤلاء العلماء من المجاهيل الذين لا أحد يعرفهم سوى النووي فيكون هذا القول فاسداً ولا يعول عليه.
كما هو حال بقيّة الأقوال التي سيمرّ بيانها لاحقًا إن شاء الله تعالى...
الهوامش:
([1]) صحيح مسلم، باب النهي عن بيع الثمار: ج5، ص11.
([2]) شرح صحيح مسلم: ج2، ص142.