الباحث: علي فاضل الخزاعي
الحمد لله الذي إذا أعطى أدهش وأجزل وأكرم، لا تحصى نعمه ولا تنقطع عطاياه، ولا نكتفي من عفوه وفضله ورحمته، والصلاة والسلام على أشرف من خلق نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) وآله الطيبين الأطهار.
فالأحاديث المرويّة عن الرسول الأكرم (صلَّى اللّه عليه وآله) وأهل بيته المكرمين (عليهم السلام) في مجال الطبّ، والوقايّة الصحيّة، وقضايا السلامة الجسديّة، لا تعد ولا تحصى.
وهنا نسلط الضوء على مسألة غاية الأهمية في وقتنا الحالي ألا وهي كيفية التغلب على الأوبئة والأمراض المنتشرة في هذا الوقت؛ فهذه القضايا لا تتحدد على شخص من دون آخر؛ إلا أن الواقع يفصح بأن هذه الأمراض مسألة تخص المجتمع بصورة عامة، وتؤثر عليه تأثيرا تاما في الأصعدة كافة.
فانتشار الأوبئة التي لم يتحدد لها مصل أو مضاد يقتلها؛ سيؤثر على النظام الاجتماعي عبر تعطيل العمل والاستثمار والإنتاج، ويتعدى تأثير المرض الى عائلة المريض ومحبيه، فمع أن المريض يمر بحالة من الهستيرية والتعب والقلق في حال إذا لم يشفَ من هذا المرض، ولكنّ المعالجة والمداواة مطلوبة على كلّ حال، ولهذا يقول الإمام الصادق (عليه السلام): ((تداوُوا فما أنزل اللهُ داءً إلاّ وأنزل معه الدّواء إلاّ السّام (أي الموت))[1].
وكلّ الأحاديث تشير إلى أنّ على الإنسان ألا يستعمل الدواء إلاّ للضرورة لأنّ الدواء لا يسكن داء إلاّ ويثير آخر وفي هذا الصدد قال الإمام عليّ (عليه السلام): (ليس من دواء إلاّ وهو يهيّجُ داءً)[2].
وعن يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يشرب الدواء وربما قتله وربما يسلم منه وما يسلم أكثر، قال: فقال: (أنزل الله الداء وأنزل الشفاء، وما خلق الله داء إلا جعل له دواء: فاشرب وسم الله تعالى)[3].
ونرى في أغلب الأحيان عندما يصاب الشخص بمرض ما فإنه يتكاسل عن أخذ الدواء بحجة أن الله عز وجل سيشفيه من هذا المرض وسيتكفل بعلاجه، لكن عند الرجوع إلى روايات أهل البيت (عليهم السلام) المختصة بالصحة والعلاج نراهم يحثون الناس على التداوي، فعن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: (قال موسى (عليه السلام): يا رب من أين الداء؟ قال: مني، قال: فالشفاء؟ قال: مني، قال: فما تصنع عبادك بالمعالج؟ قال: يطبب بأنفسهم، فيومئذ سمي المعالج: الطبيب)[4].
وعنه (عليه السلام) قال: (إن نبيا من الأنبياء مرض، فقال: لا أتداوى حتى يكون الذي أمرضني هو الذي يشفيني؛ فأوحى الله تعالى إليه: لا أشفيك حتى تتداوى، فإن الشفاء مني)[5].
لهذا فما تم ذكره أعلاه هو قطرة من بحر فيما رواه أهل البيت (عليهم السلام) بخصوص كيفية التغلب على الداء، فهذا الوباء والأمراض هو امتحان من الله (عز وجل) لعباده في هذه الدنيا المليئة بالمصائب والأكدار الطافحة بالأمراض والأخطار، فنسأل الله العلي القدير أن يزيل هذه الغمة عن هذه الأمة وأن يشفي جميع المرضى ببركة الصلاة على محمد وآله الطيبين الأطهار...
الهوامش:
[1] ميزان الحكمة، الريشهري: 2/940.
[2] المصدر نفسه: 2/940.
[3] الفصول المهمة في أصول الأئمة، الحر العاملي: 3/22.
[4] الوافي، الفيض الكاشاني: 24/202.
[5] هداية الأمة إلى أحكام الأئمة (ع)، الحر العاملي: 1/224.