بقلم: د. خليل منصور العريَّض - البحرين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وآله الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
تعرّض الامام علي عليه السلام الى الرسل والرسالات وقد استحوذ النبي محمد صلى الله عليه واله على النصيب الاوفى من فكره وقد ركز على عدة جوانب اعتقادية منها: اهمية الرسل والمهام المناط بهم، إذ نستطيع ان نستنتج من كلام الامام علي عليه السلام الذي تناول فيه واجبات الرسل، أن الله سبحانه وتعالى حين خلق الإنسان، واسند إليه خلافة الأرض، أخذ عليه وعلى ذريته ميثاقاً بتوحيده، والايمان به، بفطرته التي فطره الله عليها دون حاجة إلى هاد يرشده، وقد اودع الله ذلك الميثاق عقل الإنسان بهدايته إلى التأمل فيما حوله من آيات وامثال وعلامات تدل على عظمة الخالق وقدرته والفكرة ـ كما نعتقد ـ تتسق وما ورد في قوله تعالى:
﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾[1]. وقد استجاب الإنسان في بداية أمره لذلك الميثاق الإلهي، الا انه سرعان ما استحكمت الشهوات بنفسه، وملكت عليه ملذات الدنيا لُبّه، فأدار ظهره لذلك الميثاق فنسيه، بمرور الأزمان وتعاقب الأجيال، فكان لابد من تذكيره، وإقامة الحجة عليه قبل محاسبته، وإيقاع العقاب عليه، ومن أجل ذلك كما يقول علي عليه السلام «بعث (الله) فيهم رسله، وواتر إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته ويذكروهم منسي نعمته، ويحتجوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول، ويروهم الآيات المقدرة...»[2]فأهمية الرسل تكمن في تبصير الناس وتذكيرهم بواجباتهم نحو خالقهم سبحانه، فهم هداة البشرية، ينتشلون النفوس من براثن الجهل ويأخذون بالأيدي إلى الخير والصلاح والعدل، ويبصّرون الناس سبيل الفلاح بإثارة العقل والتأمل في خلق الله.
ولأهمية دور الرسل بالنسبة لهداية الإنسانية في أحقابها المختلفة يرى علي عليه السلام ان الله سبحانه «لم يخل... خلقه من نبي مرسل، أو كتاب منزل، أو حجة لازمة، قائمة»[3] فاستمرارية تواتر الرسل في فترات مختلفة لحاجة البشرية إليهم كهداة، من الدعامات الرئيسية التي انبنى عليها فكر علي عليه السلام الاعتقادي ([4]).
الهوامش:
[1] الأعراف/172.
[2] خطب ـ فقرة 5 ـ ويستأدوهم ـ يطلبوا منهم أداء الميثاق الذي أخذه الله على آدم من قبل.
[3] المصدر السابق.
[4] لمزيد من الاطلاع ينظر: فكر الإمام علي عليه السلام كما يبدو في نهج البلاغة: للدكتور خليل منصور العريّض، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص519 – 520.