من مقاصديّة وصيّة الإمام علي (عليه السلام) في أمواله....

مقالات وبحوث

من مقاصديّة وصيّة الإمام علي (عليه السلام) في أمواله....

2K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 28-10-2021

سابعًا: مراتب صلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) التي ينال بها العامل شرف الصّلة.
المرتبة الثانية: وهم أهل زمانه (عليه السلام) وقصدية صلتهم بابني فاطمة (عليهم السلام).

بقلم: السيد نبيل الحسني

الحمد لله على ما أنعم، وله الشكر بما ألهم، والثناء بما قدم من عموم نعم ابتدأها، وسبوغ آلاء أسداها، والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين، محمد وآله الطاهرين، عماد اليقين وأساس الدين.
وبعد:
اشتملت وصية أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) في أمواله على جملة من العنوانات الشرعية والعقدية، فضلا عن اكتنازها للعديد من المصاديق والمفاهيم الأخلاقية والاجتماعية والتربوية والاقتصادية وغيرها، وهو ما سنعرض له عبر جملة من المقالات، وهي على النحو الآتي:
المرتبة الثانية: وهم أهل زمانه (عليه السلام) وقصدية صلتهم بابني فاطمة (عليهم السلام) لنيل شرف الصلة برسول الله(صلى الله عليه وآله).
إنّ الطبقة الثانية التي تلقت النص والتي قصدها منتج النص هم أهل زمانه الذين يتابعون أمره وما سيصدر عنه من مواقف وأفعال لاسيما واننا نتحدث عن شخصية «ينحدر عنها السيل ولا يرقى إليها الطير».
ومن ثم فأن الغاية الأساس ليس هذه الصدقات وما اوقف من أمواله(عليه السلام) وإنما حفظ حرمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ابني رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أي الحسن والحسين (عليهما السلام).
فإذا كانت الناس تعظم المسلمين الأوائل الذين سبقوا الى الإسلام وهاجروا وجاهدوا وناصروا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بل مطلق الصحبة كما يعتقد أهل العامة من المسلمين بغض النضر عن سيرة هذا الصحابي ومواقفه وعلاقته بالله ورسوله (صلى الله عليه وآله) فله حرمة الصحابة وشانية الحديث والنظر والتعامل مع سيد الخلق (صلى الله عليه وآله) فكيف حال من كان دمهم دم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولحمهم لحمه وحرمتهم حرمته وتوقيرهم توقيره وغير ذلك.
وعليه:
فإن القصدية في هذا التشريف الذي ورد في النص يراد به كيفية تعامل الأمة مع ابني فاطمة (صلوات الله عليهم) وذلك بوجوب حرمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما دلت عليه النصوص وبينته الأحاديث الشريفة.
فمن أراد أن يصل الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويتقرب منه فلابد له من معرفة كيفية الصلة مع ابني فاطمة (عليهم السلام) فهذا هو المقصود في صلة الرحم كما في الرواية الآتية:
روى الإمام الحسن العسكري، عن جده أمير المؤمنين علي (عليهما السلام) في تفسير قوله تعالى:
﴿الرَّحْمَنُ﴾.
(إن قوله ﴿الرَّحْمَنُ﴾ مشتق من الرحمة، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:
«قال الله عز وجل: أنا، الرحمن؛ وهي من الرحم شققت لها اسماً من اسمي، من وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته.
ثم قال علي (عليه السلام):
«أ وتدري ما هذه الرحم التي من وصلها وصله الرحمن، ومن قطعها قطعه الرحمن»؟
فقيل يا أمير المؤمنين: حث بهذا كل قوم على أن يكرموا أقرباءهم[1] ويصلوا أرحامهم.
فقال لهم: أيحثهم على أن يصلوا أرحامهم الكافرين، وأن يعظموا من حقره الله، وأوجب احتقاره من الكافرين؟
قالوا: لا، ولكنه حثهم على صلة أرحامهم المؤمنين.
قال: فقال: أوجب حقوق أرحامهم، لاتصالهم بآبائهم وأمهاتهم؟
قلت: بلى يا أخا رسول الله.
(قال: فهم إذن إنما يقضون فيهم حقوق الآباء والأمهات.
قلت: بلى يا أخا رسول الله (صلى الله عليه وآله).
قال: فآباؤهم وأمهاتهم إنما غذوهم في الدنيا ووقوهم مكارهها، وهي نعمة زائلة، ومكروه ينقضي، ورسول ربهم ساقهم إلى نعمة دائمة لا تنقضي، ووقاهم مكروها مؤبدا لا يبيد، فأي النعمتين أعظم؟
قلت: نعمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعظم وأجل وأكبر.
قال: فكيف يجوز أن يحث على قضاء حق من صغر [الله] حقه، ولا يحث على قضاء حق من كبر [الله] حقه؟
قلت: لا يجوز ذلك.
قال: فإذا حق رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعظم من حق الوالدين، وحق رحمه أيضا أعظم من حق رحمهما، فرحم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولى بالصلة)[2]، وأعظم في القطيعة فالويل كل الويل لمن قطعها، والويل كل الويل لمن لم يعظم حرمتها.
أوما علمت أن حرمة رحم رسول الله (صلى الله عليه وآله) حرمة رسول الله، وأن حرمة رسول الله حرمة الله تعالى، وأن الله أعظم حقا من كل منعم سواه، وأن كل منعم سواه إنما أنعم حيث قيضه لذلك[3] ربه، ووفقه له)[4].
اذن:
الرواية واضحة القصدية في بيان حقيقة الصلة لرحم رسول الله (صلى الله عليه وآله) والتي ينال بها المسلم نعمة الصلة بالله ورسول الله (صلى الله عليه وآله) وأن هذه الصلة لا تتحقق إلا عِبْرَ الحسن والحسين (عليهما السلام).
وهذه هي الرتبة الثانية من المعرفة بكيفية الصلة برسول الله (صلى الله عليه وآله).

الهوامش:
[1] «آباءهم» البحار: 92.
[2] زاد في البحار: 92: أيضا أعظم وأحق من رحمها، فرحم رسول الله (صلى الله عليه وآله).
[3] «له ذلك» البحار.
[4] تفسير الإمام العسكري: ص35؛ البحار للمجلسي: ج23 ص266.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.3783 Seconds