بقلم: الباحثة زهراء حسين جعفر
الحمدُ لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالضياء، وقدمه في الاصطفاء، وجعله خاتم الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.
ورد حَدِيث الإمام عَلِيٍّ (عليه السلام) مخاطبا أصحابه في بعض ايام صفين وهو يحثهم على القتال قوله: ((يَا بَنِي أَسَدٍ اتَّبِعُونِي، أَجْعَلْ لَكُمْ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ))
التركيب الغريب الذي ورد في قوله (عليه السلام) (أنفًا من ذهب)، فالأنف معروف، وهو عضو التَّنفُّس والشمّ. والجمع: الأنوف، والآناف والآنُف[1]، ولكن الغرابة جاءت من ورود الأنف في التركيب مع قرينة لفظة الذهب، فقوله(عليه السلام) ( أجعل لكم أنفًا من ذهب)؛ يعني الشرف والعزة، والعرب تستعير الأنف في موضع العزة والشرف.[2] وقالوا((لَئِن فاخر اليونان بديموستنيوس والرومان بشيشرون...،فنحن نشمخ بأنفنا بالإمام العظيم والعربي الصميم أمير المؤمنين علي بن ابي طالب رب الفصاحة والبلاغة...)) [3]، كما تَقُولُ الْعَرَبُ: (( فُلَانٌ أَنْفِي، أَيْ: عِزِّي وَمَفْخَرِي)) [4]، فقد انتقلت دلالة اللفظ مع القرائن في التركيب من الدلالة على عضو الإنسان (الأنف) إلى الشرف والعزة [5].
الهوامش:
[1] العين: ( أنف)8/377، وينظر: النهاية في غريب الحديث: 1/75، معجم اللغة العربية المعاصرة: (أنف)1/131.
[2] ينظر: الدلائل في غريب الحديث: 2/584.
[3] أخلاق الامام علي(عليه السلام): محمد صادق محمد رضا الخرسان: 35.
[4] مقاييس اللغة: (أنف)1/147.
[5] مزيد من الاطلاع ينظر: كلام الإمام علي عليه السلام في كتب غريب الحديث/ دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية، تأليف زهراء حسين جعفر، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 71 –72.