بقلم: الدكتور علي الفتال
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وآله الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
من خلال قراءتي ((نهج البلاغة)) بتأملٍ وتأنٍ ورويَّة، وجدت في محتواه خصائص هي بمجموعها تشكل قوانين الحياة بمفاصلها الحيوية، وأنا بتحديدي تلك الخصائص لا يعني ذلك أنني توفرت على خصائص ((النهج)) كلها بل هي بعض ما تراءى لي بعد قراءتي المتأنية تلك. لذلك أطلقتُ عليها ((من خصائص))، والتبعيض هذا الذي دلّت عليه الأداة (مِن) يعني أن ثمة خصائص أخرى يضمها كلام علي عليه السلام فاكتفيت بالذي وجدت.
وإليك قارئي العزيز هذه الخصائص:
مما وجدناه من خصائص (نهج البلاغة) إشارات هنا وهناك تخص أهل بيت النبوة عليهم السلام. إذ كان الإمام علي عليه السلام يشير إليهم مشيداً بهم في رسائله وخطبه وأحاديثه ووصاياه، وجدنا من المفيد أن نفرد لتلك الإشارات فقرة خاصة بها لأنهم أعلام الدين ومنارات الورى.
قال عليه السلام بعد انصرافه من صفين يصف آل محمد عليهم السلام:
((هم موضع سره ولجأُ أمره (ملاذ أمره)، وعيبة (وعاء) علمه، وموئل (مرجع) حكمه، وكهوف كتبه، وجبال دينه، بهم أقام انحناء ظهره، وأذهب ارتعاد فرائصه)).
وقال عليه السلام:
((هم أساس الدين، وعماد اليقين، إليهم يفيء المغالي، وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة)).
وقال عليه السلام:
((.. وهم أزِمَّة الحق، وأعلام الدين، وألسنة الصدق)).
وقال عليه السلام:
((نحن أهل لبيت منها بمنجاة ولسنا فيها بدعاة)).
وقال عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم:
((عترته خير العِتَر، وأسرته خير الأُسَر، وشجرته خير الشجر، نبتت في حرَم وبسقت (ارتفعت) في كَرَم، لها فروع طوال، وثمرٌ لا يُنال..)).
وقال عليه السلام:
((أإن مَثَل آل محمد صلى الله عليه وآله وسلَّم كمَثَل نجوم السماء؛ إذا خوى (غاب) نجم طلع نجم، فكأنكم قد تكاملت من الله فيكم الصنائع، وأراكم ما كنتم تأملون)).
وقال عليه السلام:
((نحن شجرة النبوة، ومحط الرسالة، ومُختَلَفُ الملائكة، ومعادن العلم، وينابيع الحكمة، ناصرنا ومحبنا ينتظر الرحمة، وعدونا ومبغضنا ينتظر السطوة)).
وقال عليه السلام:
((وعندنا - أهل البيت - أبواب الحكم وضياء الأمر)).
وقال عليه السلام في أهل بيت النبوة:
((فيهم كرائم (آيات) القرآن، وهم كنوز الرحمن، إن نطقوا أصدقوا، وإن صمتوا لم يُسبَقوا)).
وقال عليه السلام:
((هم عيش العلم، وموت الجهل، يخبركم حلمهم عن علمهم، وظاهرهم عن باطنهم، وصمتهم عن حكم منطقهم، لا يخالفون لحق ولا يختلفون فبه، وهودعائم الإسلام وولائج (ما يلج فيه) الاعتصام، بهم عاد الحق إلى نصابه (أصله) وانزاح الباطل عن مقامه، وانقطع لسانه عن منبته (أصله)، عقلوا الدين عقل وقاية ورعاية، لا عقل سماع ورواية.
فإن رواة العلم كثير ورعاته قليل))[1].
الهوامش:
[1] لمزيد من الاطلاع ينظر: أضواء على نهج البلاغة بشرح ابن أبي الحديد في استشهاداته الشعرية، د. علي الفتال، ط: مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة: ج1، ص 347-349.