مناقشة أقوال الآلوسي (ت 1270هـ) في تفسيرقوله تعالى : {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ } . وبيان معارضتها للقرآن والسُنَّة وتضافره على هضم فاطمة عليها السلام. أولاـ مناقشة قوله في اَستثناء ميراث النبي (صلى الله عليه وآله) من الآية.

مقالات وبحوث

مناقشة أقوال الآلوسي (ت 1270هـ) في تفسيرقوله تعالى : {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ } . وبيان معارضتها للقرآن والسُنَّة وتضافره على هضم فاطمة عليها السلام. أولاـ مناقشة قوله في اَستثناء ميراث النبي (صلى الله عليه وآله) من الآية.

2K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 20-04-2023

بقلم : السيد نبيل الحسني.

قال الآلوسي في تفسيرقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ...}[1]:
(واستثنى من العموم الميراث من النبي [صلى الله عليه وآله] بناءً على القول بدخوله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) في العمومات الواردة على لسانه [صلى الله عليه وآله] المتناولة له لغة، والدليل على الاستثناء قوله (صلى الله عليه [وآله] وسلم):
 «نحن معاشر الأنبياء لا نورِّث»)[2].
أقول:
إنَّ هذا الحديث : «نحن معاشر الأنبياء لا نورِّث»[3] فيه من المعارضة للقرآن والسُنَّة ما لا يحتاج الى الإسهاب، لا سيما وقد مرَّ مناقشة أقوال المفسرين منذ القرن الثالث الهجري ، ولكن فضلا عما مرَّ بيانه فإنَّ قول الآلوسي يعارض القرآن والسُنّة ، وذلك لما يلي:
 1- أما الاستثناء من التوارث بين الأنبياء (عليهم السلام) وأن النبوة مانعة للإرث فهو لم يثبت عند فقهاء المذهب الواحد، فما بالك أيها القارئ الكريم ببقية المذاهب التي يتعبد بها المسلمون فقد اختلفوا فيما بينهم في كون النبوة مانعة أم لا، فضلاً عن زوال الملكية أم بقائها؟!.
وقد منَّ الله علينا بفضله وفضل رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في دراسة هذه المسألة ضمن منهج الفقه المقارن ،  وقد اَنتهت الدراسة إلى جملة من النتائج[4]، فكان الهدف من القول بمنع النبوة للإرث هو دفع فاطمة (صلوات الله وسلامه عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها) من جميع حقوقها، وليس الإرث فقط ، وذلك في حرب ممنهجة في التعامل مع بيت النبوة (عليهم السلام)، سواء على المجال الاقتصادي أو الاجتماعي أو النفسي أو الاعلامي أو العسكري عبر جمع الحطب عند بيت النبوة والتهديد بحرقه بمن فيه !!
وإنْ كان هذا الأمر لا يتناسب مع الموروث الثقافي والفكري لكثير من المسلمين لاسيما وقد نشئوا  على التمسك بسُنّة الشيخين والتشيع لهما ؛ إلا أن هذه الحقيقة المرّة لم تكن لتغير الواقع أو تنجي من يوم يوم الحساب {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ * وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ * وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ}[5].
وعليه:
فالاستثناء الذي يقول به الآلوسي من عموم الحكم في الآية ، أي أن النبي صلى الله عليه وآله هو مستثنى من العمل بها في الإرث بينه وبين أولاده ، وذلك بعلة أن النبوة من الموانع أوضمها الى الموانع التي حددتها الشريعة - والمتفق عليها - ، أي: (الكفر، والقتل، والرق) هو تجريٌّ على الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وذلك أن فقهاء المذاهب الإسلامية لم يتفقوا على عددها سوى هذه الثلاثة .
ومن ثم: لم تكن النبوة من الموانع وإلا لما تم مناقشة هذا الأمر والمحاجة فيه منذ وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والى يوم وقوف الخلق بين يدي الله تعالى.

2- لقد اَمتاز حديث: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث) بالركة في اللفظ التي حاول إزالتها غير واحد من أعلام أهل السُنّة والجماعة وحسبك منهم الحافظ ابن حجر العسقلاني والشنقيطي، فلم يجدا أي مخرج في ذلك -كما سيمر بيانه لاحقاً إنشاء الله - .
ولذا: فهذه الركة تحول دون صدوره عن الحضرة النبوية (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو أفصح من نطق بالضاد ؛ فالحديث يصرخ بالوضع وأنّه تقوّل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لمعارضته القرآن والسُنّة واللغة .
ومن ثم : لا يمكن دفع التوارث بين الأنبياء عليهم السلام في الأموال بعد إقرار القرآن والسُنّة واللغة بذلك ، إلا أن الحقيقة المرّة والتي لا مفرَّ منها ، هي : تضافر الأمة على هضم بضعة النبوة (عليها السلام) وقد تجلّت في دفاعهم عن خصوم فاطمة عليها السلام والانتصار لهم ، وهو ما صرّح به أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطابه لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقال:
« وسَتُنَبِّئُكَ ابْنَتُكَ بِتَضَافُرِ أُمَّتِكَ [عليَّ] وعَلَى هَضْمِهَا ، فَأَحْفِهَا السُّؤَالَ واسْتَخْبِرْهَا الْحَالَ»[6] «فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا ، وستقول ، ويحكم الله ، وهو خير الحاكمين»[7] . [8]

الهوامش:
[1] [سورة النساء:11]
[2] تفسير الآلوسي: ج4 ص217
[3] تفسير الآلوسي: ج4 ص217
[4] لمزيد من الاطلاع، ينظر: إرث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في المذاهب الخمسة للمؤلف.
[5]  سورة الشعراء : 89 – 91
[6] نهج البلاغة ، الشريف الرضي : الخطبة رقم : 202
[7] الأمالي ، الشيخ المفيد : ص282
[8] لمزيد من الاطلاع ، ينظر : معارضة حديث لا نورث للقران والسُنّة واللغة ، السيد نبيل الحسني : 191 / 193 ، إصدار مؤسسة علوم نهج البلاغة التابعة للعتبة الحسينية المقدسة ، ط1 دار الوارث كربلاء - 2021م

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.3493 Seconds