بقلم: الدكتور سحر ناجي المشهدي
الحمد لله الأول قبل الإنشاء، والآخر بعد فناء الأشياء، أحمده استتمامًا لنعمته، واستعصاماً من معصيته، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على من اصطفى من الخلق أجمعين سيدنا ونبينا محمد وآل الطاهرين..
اما بعد:
ورد هذا اللفظ مرتين في النَّهْج، ليدل على معنى مجازي جاء على زنة (فعَّالاً) الدالة على المبالغة في الشيء، فلم يُرِد الإمام (عليه السلام) به معنى العدد المعروف ؛ بل الضريبة التي تُؤخَذ جاء ذلك في قوله: « يَا نَوْفُ، إِنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَامَ فِى مِثْلِ هذِهِ السَّاعَةِ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: إِنَّهَا سَاعَةٌ لاَ يَدْعُو فِيهَا عَبْدٌ إِلاَّ اسْتُجِيبَ لَهُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَشَّاراً أَوْ عَرِيفاً أَوْ شُرْطِيّاً»([1])، أراد بـ(العشار) من يأخذ عشر مال المارة في الطريق (المَكّاس)، أو يأخذ في البلاد عشر مال الطارئ([2]).
فـ» العين والشين والراء أصلان صحيحان: أحدهما في عدد معلوم ثم يحمل عليه غيره، والآخر يدلُّ على مداخلة ومخالطة. فالأول العشرة، والعشر في المؤنث. وتقول: عشرت القوم أعشرهم، إذا صرت عاشرهم([3])، والعُشُور: جمع عُشْر؛ وهو أحد اجزاء العشرة. وقد صار علما لما يأخذ العاشر والعاشر: هو من نصَّبه الإمام (عليه السلام) على الطريق ليأخذَ الصَدَّقات من التُّجار بما يمرًون عليه عند اجتماع شرائط الوجوب، والعِشُور في اصطلاح الفقهاء نوعان ؛ أحدهما: عشور الزَّكاة، وهي ما يؤخذ في زكاة الزُرُوع والثِمار، والثاني ما يُفرض على الكُفار في أموالهم المُعَدة للتِجارة إذا انتقلوا بها من بلد إلى بلدٍ في دار الإسلام المأخوذ عُشْرا، أو مضافا إلى العُشْرِ، كنصف العشر، ومع أنَّ العشور والجزية تشتركان في الوجوب على أهل الذِّمة، والمستأمنين من أهل الحرب، وتُصْرَفان في مصارف الفيء، إلاَّ أنّ بينهما فرقا مهما، وهو أنَّ الجزيةَ توضع على الرؤوس، وهي مقدار معلوم لا يتفاوت بحسب الشخص، أمَّا العشور فتوضع على المَّالِ وتتفاوت بحسبه([4]).
وهي ضرائب فُرِضَت على تجارة أهلِ الذِّمة وأهل الحربِ الذين يدخلون الأرض العربية الإسلامية([5]).)([6]).
الهوامش:
([1]) نهج البلاغة: الحكم القصار: 104، 368.
([2]) ظ: الديباج الوضي: 5 / 2793.
([3]) مقاييس اللغة: 4 / 224.
([4]) ظ: معجم المصطلحات المالية والاقتصادية في لغة الفقهاء: 317.
([5]) ظ: الخراج: ابو يوسف: 120، وظ: تطور الأوضاع الاقتصادية في عصر الرسالة والراشدين: نجمان ياسين: 210.
([6])لمزيد من الاطلاع ينظر: المعجم الاقتصادي في نهج البلاغة، للدكتورة سحر ناجي المشهدي، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 190-191.