الباحث: محمد حمزة الخفاجي
فضَّل اللهُ سبحانه النبيَّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) على جميع الأنبياء والمرسلين، والحجج الصالحين (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين)، ثم يليه أمير المؤمنين (عليه السلام) بتصريح من الله (جل وعلا) بقوله تعالى: {وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ}[1]، فقد جعل سبحانه نفس الإمام (عليه السلام) كنفس النبي (صلى الله عليه وآله)، وبهذه المقارنة فاق الإمام (عليه السلام) جميع المنازل، وحاز على أكبر فضيلة؛ إذ قرنه الله تعالى بهذه النفس الطاهرة، وهي نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وقد قال له النبي (صلى الله عليه وآله): (أنت منّي بمنزلة الروح من الجسد)[2]، وبقوله: «يا عَلِيّ، أنت نفسي التي بين جنبي»[3]، فكل هذه تصريحات دلت على أنَّه (عليه السَّلَام) نفس النبَّيّ (صلَّى الله عليه وآله)، ومن مناشداته (عليه السَّلَام) أنَّه قال: (نشدتكم الله، أفيكم أحد، قال له رسول الله: يوم المباهلة، إذ نزلت: (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ) [آل عمران: 61] أنت نفسي، غيري؟ قالوا: اللهم لا)[4].
فالكلُّ يشهد أنَّه (عليه السَّلَام) نفس النَّبِيّ مُحَمَّد (صلَّى الله عليه وآله)، وبهذا نال شرف الصدارة بعد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله). وفي مجلس المأمون الذي جمع فيه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان؛ إذ قال لهم الإمام الرضا (عليه السَّلَام): (فهل تدرون ما معنى قوله (عز وجل): (وأنفسنا وأنفسكم)؟ قالت العلماء: عنى به نفسهم. فقال أبو الحسن (عليه السلام): غلطتم، إنَّما عنى بها علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وممَّا يدل على ذلك، قول النبي (صلى الله عليه وآله) حين قال: لينتهين بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلًا كنفسي، يعني علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فهذه خصوصية لا يتقدَّمه فيها أحد، وفضل لا يلحقه فيه بشر، وشرف لا يسبقه إليه خلق أن جعل نفس علي كنفسه)[5].
وخلاصة الأمر، أنه لا يوجد مخلوق أعظم وأكرم عند الله من أمير المؤمنين غير رسول الله (عليهما وآلهما الصلاة والسَّلام)، وليس بالخلق أجمع أحد قرن بنفس النبي غير أمير المؤمنين (عليه السلام) والحجج الكرام (صلوات الله وسلامه عليهم)، فهم خاصَّته وحامته الذين قال عنهم: لحلمهم لحمي ودمهم دمي، وحديث الكساء ويوم المباهلة، كلها شواهد دلت على قرب هذه النفوس الطاهرة من نفس النبي (صلى الله عليه وآله).
الهوامش:
[1] - آل عمران: 61.
[2] - تفسير الصراط المستقيم، السيد حسين البروجردي: 3 / 150.
[3] - المصدر نفسه: 3 / 144.
[4] - المسترشد، محمد بن جرير الطبري ( الشيعي ): 354.
[5] - الأمالي، الشيخ الصدوق: 618.