من ألفاظ الحياة الاجتماعية في نهج البلاغة: الدلالة على الدواب عامّة قال عليه السلام ((بِيَدِكَ نَاصِيَةُ كُلِّ دَابَّة وَإِلَيْكَ مَصِيرُ كُلِّ نَسَمَة))

أثر نهج البلاغة في اللغة والادب

من ألفاظ الحياة الاجتماعية في نهج البلاغة: الدلالة على الدواب عامّة قال عليه السلام ((بِيَدِكَ نَاصِيَةُ كُلِّ دَابَّة وَإِلَيْكَ مَصِيرُ كُلِّ نَسَمَة))

497 مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 24-07-2024

بقلم: د. حسام عدنان الياسري.

الحمد لله الذي علا بحوله، ودنا بطوله، مانع كل غنيمة وفضل، وكاشف عظيمة وأزل، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الاطهار.

وبعد:
وهي كل ما دَبَّ على الأرض سواء أكان عاقلاً أم غير عاقل. وجاءت هذه الدلالة في سياق كلامه عن قدرة الله تبارك وتعالى، وانفراده بالعَظمة، وأنّ مصير الخلائق كلها اليه. يقول: ((بِيَدِكَ نَاصِيَةُ[1] كُلِّ دَابَّة، وَإِلَيْكَ مَصِيرُ كُلِّ نَسَمَة))[2]. أراد (عليه السلام): أنّ الله جل جلاله بيده قَبْضَته - وهوُ مَنّزه عن الجوارح - ماشاء من مصائر الخَلْق جميعاً، فذكر لفظ (ناصية) وأضافها إلى (كُلِّ دَابَّة) لإرادة العموم، وتحقيق القدرة على إذلال هذهِ الدَّواب عند انتهاء مصائرها اليه. واستعماله مفردة (ناصِيَة) تفيد الدلالة على هذا المعنى، فهذا الموضع من الإنسان وبقيّة الدواب، يمثل محل العُلُو والكبرياء والشَّرف فيهما. فقصد الإمام (عليه السلام) الدلالة على أنّ سلطان الله تبارك وتعالى فوق كلِّ شيء، فيكون سلطانه تعالى على أشرف محل في هذه الدواب دليلاً على القَهْر والغَلَبة وتمام القدرة [3]. ويبدو أنّه(عليه السلام) قد أخذ هذا  التعبير من القرآن الكريم الذي يقول فيه الله تبارك وتعالى: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى الله رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[4]. وقد ذكر المفسرون أنّ أخذ الدواب (بالنّاصِية) في الآية المباركة علامة على قبض القادر المالك على من يقدر عليه. كما يقاد الأسير والفَرَس، حتى صار الأخذ بالنّاصية عُرفاً في القُدْرة على الحيوان وغيره[5]. وكانت العرب تَجِزّ ناصية الأسير المَمْنُون عليه؛ لتكون علامة أنّه قُدِر عليه، وقُبِض على ناصيته[6])([7]).

الهوامش:
[1] النّاصِيَة مَنْبَتُ الشّعر في مقدّم الرأسِ. وقيل: بل هو قصاص الشعر في هذا الموضع. وسُمّي (ناصية) لنباته في مقدم الرأس. ينظر: تهذيب اللغة (عضو): 12/171، ولسان العرب (نصو): 15/327.
[2] نهج البلاغة: خ/109: 199.
[3] ينظر: شرح نهج البلاغة (البحراني): 3/519.
[4] هود / 56.
[5] ينظر: المحرر الوجيز: 3/181.
[6] نفسه.
([7]) لمزيد من الاطلاع ينظر: ألفاظ الحياة الاجتماعية في نهج البلاغة: للدكتور حسام عدنان رحيم الياسري، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 82-83.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2586 Seconds