من أخلاق الإمام علي عليه السلام قوله عليه السلام (غيرة المرأة كفر وغيرة الرجل إيمان)

سلسلة قصار الحكم

من أخلاق الإمام علي عليه السلام قوله عليه السلام (غيرة المرأة كفر وغيرة الرجل إيمان)

8K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 23-04-2023

بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان

((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))

أما بعد:
الدعوة إلى أمرين:
الأمر الأول: تخلي المرأة عن الغيرة، وما تعنيه من انسياقها المفرط وراء عاطفتها، وما تجره من تصرفات غير مرضية - غالبا - بل عليها التصرف بحكمة ورزانة فيما تتعرض له من مواقف ضاغطة؛ لتكون بذلك أكثر تطبعاً وتعوداً على تقبل الأحكام الشرعية، وتلقيها بإيمان ومعرفة، وإلا فينتج أن تقابل الأحكام الشرعية بالرفض وحالات من التشنج والمجابهة، متناسية الجهة المشرعة، ومتجاهلة التبعات المترتبة على ذلك، وعندها فتكون عاصية غير ممتثلة للأحكام الشرعية كما يشهد بذلك بعض حالات الغيرة، وعدم التحكم بالغضب والانفعال النفسي، بما يخرج عن الاتزان والحكمة؛ ومن تلك الحالات:

1- عدم تقيدها بالحجاب والملابس المحتشمة التي تضفي عليها الوقار والحشمة والعفة، وذلك من واقع شعورها المتصاعد بالغيرة ممن فعلن ذلك، فتحاول ان لا تبقى وحيدة منفردة (نشاز) ولئلا يعيبها أحد وغير ذلك، مما تفسر به تصرفاتها، متغاضية عن مرا الوقار والعفة، وما يستلزمه وضعها كمسلمة ملتزمة، إنسانة، تتقيد بضوابط شرعية وأخلاقية، لكنها بسبب ضغط الغيرة ترضى أن تتحول إلى بعض المعروضات التي ينظر اليها من يرغب، ومن يريد إشباع فضوله، حتى لتكون أحياناً أداة طيعة لا ترفض بد لامس، ولا تحتشم من عين ناظر، ولا تتحرج من سماع كلمة غير لائقة وغير ذلك مما يسببه عدم التقيد بالحجاب.

2-عدم تفهمها للحالة الطبيعية التي قد يمر بها بعض الرجال من الحاجة إلى تعدد الزوجات لأسباب وأحوال كثيرة.
فتغار ممن تشاركها في زوجها، متناسية أن التعدد، جائز بشروط تكفل لها حقوقها كاملة، وإن قصر بعض الأزواج في أدائها ومراعاتها، فذلك خطأ في التطبيق، وليس من خلل في التشريع وهذا ما يحتم ضرورة عدم التعنت والإصرار على الرفض، بل من حقها المطالبة بالعدل والإنصاف وليس الاعتراض على التشريع أو التشكيك في حكمته.
نعم ، لاشك أن المرأة تتعرض لحالة انفعال نفسي، فتعترض وهي متأثرة بموجة من القلق والشعور بالقصور، محاولة التعويض بشتى الطرق، لكن يجب عليها عدم التعدي عن الحدود الشرعية والأخلاقية.

٣- عدم تعاملها اللائق مع سائر النساء؛ وذلك بالاغاضة وإشعار الأخرى بوضعها المتدني اجتماعياً، اقتصادياً، مما يؤذي ويجرح _ أحياناً، فيؤدي إلى ظلم المؤمنات واحتقارهن، وإيذائهن وغيرها مما يحرم؛ وذلك تحت وطأة الغيرة وحب والاستعلاء، مع أنها في واقعها تشعر بالنقص، فتحاول سده بما هو أفدح وأعظم خسارة.

4-عدم مبالاتها بنتائج ما تقول أو تفعل؛ إرضاء لما في نفسها، وتأثراً بما تعانيه من مشكلات فلا تبالي بغيرها، ومدى تأثره النفسي  بقولها أو فعلها، وفي هذا استخفاف بالآخرين، ممن جعل الله تعالى حقاً بل يتضمن استهانتها بأحكام الله عز وجل؛ إذ قد يلحق قولها أو فعلها الأذى أو الضرر بغيرها، سواء بموت أم اتهام بخيانة أو غير ذلك مما يستهان بأثره، ولا يعتنى بتبعاته، مع أنه من كبائر الذنوب أو صغائرها، فضلاً. تسبيبه فقدان التوازن، والخروج عن الإيمان ، وما يفرضه من التزامات.
فالدعوة إلى أن تتخلى المرأة عن انسياقها المفرط وراء عاطفتها، وأن لا تتسرع في اتخاذ بعض القرارات الحساسة؛ لما لذلك من آثار سلبية عليها، أو على الآخرين، وأن لا تتهور بتصرف لا تحمد عقباه، بل يجب عليها الالتزام بالأحكام الشرعية والآداب الإنسانية، التي عمت الحياة بأكملها ، فقننت لها القوانين المناسبة فلم يبق فراغ تشريعي لتتولى هي إشغاله.

الأمر الآخر من الأمرين اللذين تدعو إليهما الحكمة:
 تحلي الرجل بالغيرة وما تعنيه من اتصافه بالمعاني الإيجابية التي تجتمع لتكمل شخصية الرجل بما يجب أن يكون فيه؛ كالحمية ورفض كل ما من شأنه الخدشة بحرمة عرضه، وما يصونه من الأهل والمال والوطن وسائر القيم والمبادئ والمقدسات؛ لأن اتصافه بذلك دليل تكامله المستمر في خط الإيمان، وعلى درب الفضيلة، بما يجعله بحق لائقاً رجل مؤمن محافظ على التزاماته، غيور، فلا يكتفي بالاسم دون المضمون، ولا بأن يوصف يكونه المسئول عن أسرة زوجة أولاد، أم أخت.... ويكفل لهم تأمين الحاجات الحياتية الأولية، أو الكمالية، ليكون هو الممول وهم من يستهلك، بل يضم إلى ذلك شعوره بالمسؤولية الأخلاقية تجاههم، بما تعنيه الكلمة من انضباط وتقيد، وحسن تصرف وسلوك.
ولا أحسب أن أحداً يغفل عن النتيجة المعاكسة فيما لو تخلى الرجل عن غيرته، وفيما لو أصرت المرأة على التمسك بالأفكار أو الأفعال التي تمليها عليها اعتبارات ضيقة، وما يسببه ذلك من مفاسد وإفرازات سيئة.
أسأله تعالى أن يعين الجميع، للأخذ بما يصلح حالهم، ويرفع مستواهم إنه سميع مجیب[1].

الهوامش:
[1] لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ص239-243.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2834 Seconds