الباحث: علي عباس فاضل.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين أبي الزهراء محمد وآله الطيبين الطاهرين، وبعد
تمر علينا في هذه الأيام فاجعة عظيمة ألا وهي فقد الصديقة الطاهرة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء، التي فارقت هذه الحياة مظلمة مغصوب حقها، في ريعان شبابها، بعد أن فقدت أباها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فرافق حزنها الشديد على أبيها ظلامتها من قبل السقيفة وما نتج عنها، فأخذوا إرثها، وغصبوا حق زوجها أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولم يكتفوا بذلك حتى اعتدوا عليها في دارها، واسقطوا جنينها، فبئس القوم أولئك.
وسنضع في هذه الأسطر بعض ما روي في حقها (عليها السلام) وفضلها، وأول ما يلقانا قول أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله): (فاطمة بضعة منى وأنا منها من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذاها بعد موتي فكان كمن آذاها في حياتي ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي)([1])، فأي وصية التزموا بها هؤلاء العصابة المارقة، حتى آذوها أيما إيذاء، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): مناجيا رسول الله (صلى الله عليه وآله): (وَسَتُنَبِّئُكَ ابْنَتُكَ بِتَضَافُرِ أُمَّتِكَ عَلَى هَضْمِهَا، فَأَحْفِهَا السُّؤَالَ، وَاسْتَخْبِرْهَا الْحَالَ)([2]).
كانت مولاتنا الزهراء كثيرة العبادة، إذا وفقت في محرابها شع نورها حتى أنار لأهل السماء، إذ سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن فاطمة: لِمَ سمّيت زهراء؟ فقال: (لأنّها كانت إذا قامت في محرابها زهر نورها لأهل السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض)([3]).
فهي (سلام الله عليها) ليلة القدر التي قال تعالى عنها: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر)([4])، فقد جاء في تفسيرها عن الإمام الصادق (عليه السلام): (الليلة فاطمة والقدر الله فمن عرف فاطمة حق معرفتها فقد أدرك ليلة القدر، وإما سميت فاطمة لأن الخلق فطموا عن معرفتها)([5]).
نسأل الله العلي القدير أن يمن علينا بطلب ثأرها مع حجته (عجل الله فرجه الشريف)، ويجعلنا معها في الدنيا والآخرة، إنه سميع مجيب.
الهوامش:
([1]) علل الشرائع، الشيخ الصدوق: 1/ 187.
([2]) نهج البلاغة، تحقيق: الشيخ قيس العطار: 427.
([3]) معاني الأخبار، الشيخ الصدوق: 64.
([4]) سورة القدر: 1- 5.
([5]) تفسير فرات الكوفي: 581، بحار الأنوار: 43/ 66.