من دلالة الأفعال في الخطبة المونقة: قوله (عليه السلام): ((وَسَبَغَتْ نِعْمَتُهُ))

4K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 02-02-2021

بقلم: الدكتور مصطفى كاظم شغيدل – الجامعة المستنصرية

((الحمد لله الذي صدقنا وعده هي مقالة المتقين، وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
وبعد:
امتازت الخطبة المونقة لأمير المؤمنين عليه السلام والتي تسمى أيضا بـ(الخطبة الخالية من الألف) بكثرة الأفعال فيها، إذ وصلت إلى (170) فعل، فضلاً عما جاء مكرراً وبصيغة مختلفة؛ وهذه الخطبة مع أنها قيلت في موضع التندر لخلوها من الألف، غير أنها لم تكن خالية من الفكر بمختلف أبعاده، وهو على النحو الآتي:
1-  قوله عليه السلام (وَسَبَغَتْ نِعْمَتُهُ)
تدلُّ مادَّة (سَبَغَ) في اللُّغة على الاتِّساع والطُّول. قال ابن فارس: «السِّين والباء والغين أَصلٌ واحدٌ، يدلُّ على تمامِ الشَّيء وكماله»[1].

فالسَّابغة: الدِّرع الواسعة، والسَّابغ: الكامل الوافي، ويطلق على كلِّ شيء طال إلى الأَرض.

والثــُّلاثي المجرَّد يأْتي لازماً من باب (نَصَر)، يُقال: سبغَ يسبُغُ: تَمَّ، واتَّسع، وطال. وسبغ المطر: دنا إلى الأَرض وامتَدَّ[2]. وبهذه الدَّلالة جاء هذا الفعل في الخطبة مرَّة واحدةً مطابقاً دلالته اللُّغوية؛ إذ قال أَمير المؤمنين (عليه السلام): «وَسَبَغَتْ نِعْمَتُهُ»، أَي: امتدَّت، واتَّسعت، وطالتْ، وكملت، وتمَّت، وفيه تضمين لقوله تبارك وتعالى: (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً)[3].
و(سبغَتْ) سبغ: فعل ماضٍ مبنيٌّ على الفتح، والتَّاء تاء التَّأنيث السَّاكنة لا محلَّ لها من الإعراب، و(نعمتُه) فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضَّمَّة الظَّاهرة على آخره، وهو مضاف، والهاء ضمير متَّصل مبنيٌّ على الضَّمِّ في محلِّ جرٍّ بالإضافة، عائد إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، وجملة (وسبغت نعمته) معطوفة على جملة (عظمت منَّتهُ)[4].

الهوامش:
[1]. مقاييس اللغة 3/129.
[2]. ينظر: العين 1/348، وتهذيب اللغة 5/55، والعباب الزاخر 1/346، والمصباح المنير 4/147.
[3]. لقمان: 20.
[4]لمزيد من الاطلاع ينظر: الأفعال في الخطبة المونقة للإمام علي عليه السلام بين الدلالة المعجمية والاستعمال الوظيفي: للدكتور مصطفى كاظم شغيدل، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص30 –31.