هل شهد أبو بكر وعمر دفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصليا عليه؟

مقالات وبحوث

هل شهد أبو بكر وعمر دفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصليا عليه؟

39K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 05-10-2021

بقلم: السيد نبيل الحسني.

لعل الأجابة تتفاوت لدى القارىء بين النفي والأثبات لكن الذي توصلنا إليه أنهما لم يشهدا دفن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يصليا عليه.
بدليل :

     1- ما رواه ابن إسحاق وغيره عن عائشة قالت : (( ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى سمعنا بصوت المساحي في جوف ليلة الأربعاء ))(1).

     2- ما رواه ابن أبي شيبه وهو من شيوخ البحاري: (( إنّ أبا بكر
وعمر لم يشهدا دفن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانا في الأنصار فدفن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يرجعا ))(2) !!
     ومن ثم فالسؤال الذي يفرضه البحث: متى حدثه النبي صلى الله عليه وآله وسلم .. في موضع دفنه كما مرَّ بيانه في الحلقة السابقة، ومتى اختلف الصحابة  بمحضره في دفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم..  فاشار عليهم ؛ وهل حقا هو الذي رد على اختلافهم ، أم أنه الإمام علي بن أبي طالب (عليهما السلام)؟!

إذن:
لم يكن أبو بكر وعمر وكثير من المهاجرين والانصار قد شهدوا دفن النبي الاكرم (صلى الله عليه واله وسلم) ، وأن الذين شهدوا دفن النبي(صلى الله عليه وآله) هم قلة قليلة من أصحابه جائوا الى مواساة علي (عليه السلام) وبني هاشم فهم أهل المصاب.

أما حقيقة الاختلاف بين الصحابة فقد وقع بين أولئك النفر القليل الذين حضروا عند دفن النبي (صلى الله عليه وآله) وأن الذي قطع هذا الخلاف بينهم هو الإمام علي (عليه السلام) وذلك لكونه المخصوص بتجهيز رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ومواراته وذلك بوصية منه (صلى الله عليه واله وسلم) الى الإمام علي (عليه السلام).
إلا أن هذه الوصية لم تمنع من وقوع الخلاف بين أولئك النفر القليل من الصحابة الذين حضروا دفن نبيهم صلى الله عليه واله وسلم مع أهل بيته وبني عمومته وقد أشار الى ذلك الشيخ المفيد قائلا:
(وقبره صلى الله عليه وآله وسلم في بالمدينة في حجرته التي توفي فيها ، وكان قد اسكنها في حياته عائشة بنت أبي بكر بن أبي قحافة ، فلما قبض صلى الله عليه واله وسلم اختلف أهل بيته ومن حضر من أصحابه في الموضع الذي ينبغي أن يدفن فيه ، فقال بعضهم : يدفن في البقيع ، وقال آخرون : يدفن في صحن المسجد . فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) :
( إنّ الله تعالى لم يقبض نبيه [صلى الله عليه وآله] إلا في أطهر البقاع فينبغي أن ندفنه في البقعة التي قبض فيها ) .
 فاتفقت الجماعة على قوله ودفن في حجرته على ما ذكرناه)[3] .
إلا أننا لنا رأي آخر نختلف فيه مع الشيخ المفيد (رضوان الله تعالى عليه) في حقيقة موضع قبر النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وتحديد البقعة التي دفن فيها وهي غير الحجرة التي سكنتها عائشة بنت أبي بكر فلم يدفن النبي المصطفى (صلى الله عليه واله) فيها.
كما انه لم يدفن في بيت بضعته سيدة نساء العالمين فاطمة (صلوات الله وسلامه عليها) كما جزم بذلك جماعة ؛ وأن أباكر وعمر دفنا خارج الروضة النبوية، بل هما خارج حدود المسجد النبوي.[4]
الهدف من الرواية التي رواها الحافظ السيوطي وغيره في أختلاف الصحابة في دفن النبي(صلى الله عليه وآله ) وفيهم أبو بكر.
    إلا أن الهدف من الرواية هو أنها أرادت أن تعطي للقارئ بعض الصور التي تصب في مصلحة السلطة فضلا عن تمريرها لبعض الاحداث والوقائع الكاذبة :

     الصورة الأولى:
اجتماع المهاجرين والانصار لحظة وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واهتمامهم بدفنه. وهو ما لم يحدث _كما سيمر بيانه_ إذ لم يشهد دفن النبي كثير من الصحابة.

     والصورة الثانية:
 تسجيل موقف لأبي بكر في جمع الصحابة على رأي واحد في معضلة دفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وهو ما لم يحدث أيضا كما أسلفنا

الصورة الثالثة:
لاثبات اكذوبة أن النبي الاكرم (صلى الله عليه واله وسلم) لم يوص بوصية الى أمته ؛ بل لم يوص حتى بنفسه مما أدى الى هذا الاختلاف بين الصحابة ؛ وهو ما لم يحدث أيضا ، أي أنه صلى الله عليه واله وسلم قد أوصى بوصيته الى الإمام علي(عليه السلام)
فهذه بعض الاهداف التي أرادت الرواية تمريرها؛ في حين أن الرواية أعطت صورة موحشة عن جميع الصحابة لاختلافهم في دفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
         فضلا عن أنها كشفت عن حقيقة مرة وهي ان هناك كثير من الاكاذيب قد المت بهذه السيرة مما ادى الى هذا التعارض الذي يدل على ان الباطل من سننه انه يضرب بعضه بعضا.
وان اهل الباطل مهما جهدوا فانهم لن يستطيعوا قتل الحقائق

وعليه:
فالرواية قد صيغة بعناية كبيرة . ولكن السؤال المطروح: لماذا ارادت الرواية ان تغطي على عدم حضور الصحابة دفن رسول الله(صلى الله عليه واله) ؛ وأين كانوا ؟ وهل حضرقسما منهم دفن النبي والصلاة عليه؟

يتبع في الحلقة القادمة.[5]

الهوامش:
(1) السيرة النبوية لابن هشام : ج4 ص1078 ؛ مسند احمد: ج6 ص62 و242؛ السنن البيهقي: ج3 ص409 ؛ المصنف لابن ابي شيبة:ج3 ص227 ؛ المصنف للصنعاني: ج3 ص520 ؛ المغني لابن قدامة: ج2 ص417؛ نيل الاوطار للشوكاني: ج4 ص137؛ الشمائل للترمذي:ص 204؛ الطبقات الكبرى لابن سعد : ج2 ص305 ، تاريخ الطبري : ج3 ص217 ، تاريخ الإسلام للذهبي – السيرة النبوية : ص582؛ عمدة القاري للعيني: ج8 ص121؛ تنوير الحوالك للسيوطي: ص240؛ الجوهرة للبري : ج2 ص96 ط دار الرفاعي ، التمهيد لابن عبد البر : ج24 ص396 ط وزارة الأوقاف بالمغرب ، حاشية ابن القيم : ج8 ص309 ط دار الكتب العلمية .
(2) المصنف لابن أبي شيبة : ج7 ص432 برقم (37046) ط مكتبة الرشد بالرياض ؛ وج8 ص572 ط دار الفكر ؛ الإكمال في أسماء الرجال للخطيب التبريزي: ص21 ؛ وص 125.
[3] المقنعة للشيخ المفيد (رضوان الله تعالى عليه):ص457 ؛ وعنه شيخ الطائفة الطوسي(طيب الله ثراه) في التهذيب : ج6 ص3 ؛ وابن شهر اشوب في المناقب : ج1 ص206 ؛ وابن ابي حاتم في الدر النظيم : ص196 ؛ والعلامة الحلي في منتهى المطلب : ج2 ص887
[4] لمزيد من الأطلاع ينظر : وفاة النبي صلى الله عليه واله وموضع قبره وروضته ، تأليف السبيد نبيل الحسني ، أصدار العتبة الحسينية ط1 مؤسسة الاعلمي بيروت لبنان لسنة 2014م
[5] لمزيد من الأطلاع ينظر : وفاة النبي صلى الله عليه واله وموضع قبره وروضته ، تأليف السبيد نبيل الحسني ، أصدار العتبة الحسينية ط1 مؤسسة الاعلمي بيروت لبنان لسنة 2014م

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2638 Seconds