بقلم: الدكتور حسن طاهر ملحم – الجامعة العربية.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من تبوأ من الفصاحة ذروتها وأصبح بذلك أفصح العرب أبي القاسم محمد صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين لا سيما الإمام علي عليه السلام أمير البيان..
وبعد:
فقد تمثل الإمام علي عليه السلام بالشعر كما ثبته الرضي (رحمه الله) في كتاب نهج البلاغة وهذا يبين اهتمام الإمام عليه السلام بالشعر العربي ومعرفته التامة بنوعيته وأصالته لما له من قوة بيان، ومنه، قوله عليه السلام متمثلاً بقول الشاعر:
هنالكَ لو دعوتَ أتاكَ منهم فوارسُ مثـــــــلَ أرميةِ الحميمِ[1]
(اللهم إني قد مللتهم وملوني، وسئمتهم وسأموني، فأبدلني بهم خيراً منهم وابدلهم بي شراً مني، اللهم مت قلوبهم كما يمات الملح في الماء، أما والله لو وددت أن لي بكم ألف فارس من بني فراس بن غنم[2] وتمثل بالبيت المذكور أعلاه.
تمثل به بعد وصول الأخبار باستيلاء بسر بن أرطاة على اليمن والخطبة احتوت على بيتين من الشعر تمثل بهما الإمام علي (عليه السلام) ذكرنا الأول والثاني محور البحث، ووجه الاستشهاد به عند الإمام علي (عليه السلام)، أنه كان يتمنى لو أن لديه بدل أهل الكوفة من إذا دعوا أجابوا مسرعين ومن إذا استغيث بهم أغاثوا.
والأرمية: جمع رمي وهو السحاب.. قال الشريف الرضي: والحميم هاهنا وقت الصيف وإنما خص الشاعر سحاب الصيف بالذكر لأنه أشد جفولاً وأسرع خفوفاً لأنه لا ماء فيه وإنما يكون السحاب ثقيل السير لامتلائه بالماء وذلك لا يكون في أكثر أزمان الشتاء، وإنما أراد الشاعر وصفهم بالسرعة إذا دعوا والإغاثة إذا استغيثوا، والدليل على ذلك قوله: هنالك لو دعوت أتاك منهم[3])[4].
الهوامش:
[1]- نهج البلاغة: ص87 خطبة رقم (25)، والبيت ذكره ابن منظور في لسان العرب 12/155 نسبة إلى الرادق الهندي، ترجمته: ابن قتيبة: الشعر والشعراء، ص 163.
[2]- فراس بن غنم: بني فراس بن غنم بن ثعلبة بن مالك بن كنانة، حي مشهور بالشجاعة ومنهم علقمة بن فراس وهو (جدل الطغاة)، قال: علي (عليه السلام) لأهل العراق وهم مائة ألف أو يزيدون: لو وددت أن لي منكم مائتي رجل من بني فراس بن غنم لا أبالي من لقيت بهم ومنهم عمير بن قيس أحد فرسان بني فراس وهو القائل:
لقد علمتْ معدٌ أن قومي كرامُ الناسِ أن لهم كــراما
فأيُّ النـــاسِ فاتونا بوتــرٍ وأيُّ الناسِ لم نملك لجـاما
ألسنا الناسئينَ على معــــدٍّ شهورَ الحلِ نجعلُها حَراما؟
ترجمتهم: ابن هشام: السيرة النبوية 3/766، البكري: معجم ما استعجم 2/399، ابن منظور: لسان العرب 15/18، ابن خلدون: تاريخ ابن خلدون 2/321، الزركلي: الأعلام 5/139.
[3]- نهج البلاغة، ضبط صبحي الصالح، ص67.
[4]- لمزيد من الاطلاع ينظر: الأمثال العربية ومدلولاتها التاريخية في كتاب نهج البلاغة، للدكتور حسن طاهر ملحم، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 139-140.