الحمد لله رب العالمين وأفضل الصَّلَاة والتَّسليم على طبيب نفوسنا وحبيب قلوبنا مُحَمّد (صلَّى الله عليه وآله) وعلى أهل بيته وصحبه المنتجبين.
الباحث: الشّيخ سجاد عبد الحليم الرّبيعي.
من الأبحاث التي نالت أهتمام العلماء والحضارة الإسلامية بوصفه موضوعا ذي أهمية بالغة، عناية الإسلام وتعاليمه بالمرأة، فالمرأة في الإسلام لها الإعتبار الأسمى والمقام الرفيع، من حيث النظرية الإسلامية تتمتع بشخصية ذات حقوق مقررة، وواجبات معتبرة، وتكريم المرأة في الإسلام ثم على وفق مبادئ الشريعة المقدسة التي أفاضت بها السماء على الإنسانية بصورة جامعة، فتمثل المجتمع بكل جوانبه ، لإنها تشكل بمجموعها مصدر للحنان والعاطفة في الحياة الدنيا، وبضمها مع الرجل يمثلان جوهر الفكر الإسلامي الرصين الذي يحوي بين طياته معالم الرسالة السماوية السمحاء، الذي تبتني على الحب والشفقة والرأفة والحنان، والاخيران ينبثقان من النفس الإنسانية التي تعبّر عن حاجة فطرية عامة للإنسان وتتقوم هذه الحاجة على تطلّع الإنسان إلى الاستكمال للوصول الى الكمال ، وقد تعرّض القرآن وأمير المؤمنين (عليه السلام) لهذه الفكرة بقوله تعالى:﴿وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾[1].
يتضح من الآية المباركة أن الإنسان مؤلف بحسب تكوينه من عنصرين اثنين: عنصر الجسم، و عنصر الروح، المتقوم بالعلاقة الزوجية هدفها السكن ( الاطمئنان ) لكلا الطرفين ، فكلّ طرف يجد راحة وسعادة في بيت الزوجية؛ بسبب وجود الآخر . و هذه النفس المشار إليها في الذكر الحكيم، على الرغم من قوتها و فعاليتها في الإنسان الإ انها طلسم عجيب غريب، عجزت العقول عن ادراك كنهها و استكشاف حقيقتها، و من أغرب ما فيها انها تحوى المتناقضات من النوازع و الغرائز، فما فيها من رغبة طيبة الا و تقابلها نزعة سيئة، كما أشار إلى ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبه الواردة في نهج البلاغة عن الطريق مجموعة من النصوص، قال (عليه السلام):( مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّ النِّسَاءَ نَوَاقِصُ الإِيمَانِ ، نَوَاقِصُ الْحُظُوظِ نَوَاقِصُ الْعُقُولِ ، فَأَمَّا نُقْصَانُ إِيمَانِهِنَّ ، فَقُعُودُهُنَّ عَنِ الصَّلَاةِ والصِّيَامِ فِي أَيَّامِ حَيْضِهِنَّ ، وأَمَّا نُقْصَانُ عُقُولِهِنَّ ، فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ كَشَهَادَةِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ ، وأَمَّا نُقْصَانُ حُظُوظِهِنَّ ، فَمَوَارِيثُهُنَّ عَلَى الأَنْصَافِ مِنْ مَوَارِيثِ الرِّجَالِ ، فَاتَّقُوا شِرَارَ النِّسَاءِ وكُونُوا مِنْ خِيَارِهِنَّ عَلَى حَذَرٍ ، ولَا تُطِيعُوهُنَّ فِي الْمَعْرُوفِ حَتَّى لَا يَطْمَعْنَ فِي الْمُنْكَرِ)[2]، والنقطة الرئيسية التي ينبغي أن تعرض لفهم هذه الفقرة هي أن التفسير الذي أعطاه الإمام عليه السلام للنقصان، هل هو المقصود الظاهر ، كما قد يتبادر من العبارة ابتداء. أو إن المقصود به أعمق من ذلك. إذ يمكن تقديم أحد فهمين رئيسيين للنص:
الفهم الأول: هو المتبادر الرئيسي وهو أن يكون التفسير هو عين المفسر وهو النقص. فلا يراد من نقصان الإيمان إلَّا القعود عن الصلاة ولا يراد من نقصان الحظوظ إلَّا استحقاق نصف الميراث ولا يراد بنقصان العقول إلَّا شهادة الاثنين مقابل الرجل الواحد.
الفهم الثاني: إن الإمام عليه السلام جعل هذه التفاسير كظواهر وكواشف عن تلك الأشكال من النقص. فالقعود عن الصلاة علامة وكاشف عن نقصان الإيمان وهكذا. وذلك لأجل شكل من أشكال التقريب الذهني أو البرهان على صحة قوله عليه السلام وهذا هو الفهم الأرجح بطبيعة الحال. إذ لا يحتمل من الناحيتين اللغوية والعرفيّة أن يكون المراد بالنقص هو هذا التفسير بعينه من دون أي زيادة، بحيث لا يراد بنقصان الإيمان أي شيء سوى القعود عن الصلاة لوضوح أن نقصان الإيمان يعني شيئا آخر أوسع من ذلك وأعمق، بحيث يكون القعود عن الصلاة أثرا من آثاره، وكاشفا عن كواشفه كشف المعلول عن علته. وهو أن خلقة المرأة ليست كخلقة الرجل بل هي تختلف عنه بمقدار ما لا يعلمه إلَّا الخالق والراسخون في العلم . وقد عبر عنه الإمام عليه السلام بأن المرأة أنقص من الرجل في العقل والإيمان والحظوظ .
فإذا كانت الروح هي بيت العقل والنفس هي بيت العواطف. استطعنا أن نقول إن نوع المرأة - وليس جميع الأفراد على الإطلاق - أقل روحيا من نوع الرجل - بالمعنى نفسه - وأعلى نفسيا أي أقوى عاطفيا[3] .
الهوامش:
[1] سورة الروم، الآية: 21 .
[2] نهج البلاغة، خطب الإمام علي ( عليه السلام )(ت: 40 هـ)، تحقيق : شرح : الشيخ محمد عبده، ط1: 1412 - 1370 ش، مط : النهضة – قم ، دار الذخائر - قم – ايران:1 / 129 .
[3] ما وراء الفقه، السيد محمد الصدر(ت: 1421 هـ)، ط3 ،1427 - 2007 م ، مط قلم، المحبين للطباعة والنشر:9/ 219 .