من أصول الأمن الفكري في نهج البلاغة - الأصل الثاني: حفظ الإسلام وتقديمه على المصالح

مقالات وبحوث

من أصول الأمن الفكري في نهج البلاغة - الأصل الثاني: حفظ الإسلام وتقديمه على المصالح

4K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 29-11-2020

بقلم السيد نبيل الحسني الكربلائي

«الحمد لله الذي صدق في ميعاده، وارتفع عن ظلم عباده وقام بالقسط في خلقه، وعدل عليهم في حُكمهِ»([1]) وصلواته التامات الزاكيات على «محمد عبده ورسوله، أرسله لإنفاذ أمره، وإنهاء عُذره، وتقديم نُذره، وعلى آله «أساس الدين وعماد اليقين»([2])
أما بعد:
يظهرُ عبر بيان أمير المؤمنين عليه السلام في الكتاب الذي أخرجه إلى شيعته والمسلمين بعد أن سُئل عن رأيه في أبي بكر وعمر وخاصة فيما يتعلق بتعامله مع حدث السقيفة وإفرازاته في انقلاب الناس على بيعة الغدير، وتوالي أبو بكر وعمر الحكومة الإسلامية وموقفه عليه السلام وتعامله معهما بالنصح التأصيل لأصل آخر من أصول الأمن الفكري ألا وهو تغليب الإسلام على جميع المصالح وهو ما ميزه عن جميع صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك من خلال تعامله مع هذه الأحاديث بتلك الحكمة الروية والصبر والنصيحة والجهاد في إظهار الحكم الشرعي وهو ما دل عليه قوله عليه السلام:
«فما راعني إلا انثيال الناس على أبي بكر وإجفالهم إليه ليبايعوه ، فأمسكت يدي ورأيت أني أحق بمقام رسول الله صلى الله عليه وآله في الناس ممن تولى الأمر من بعده فلبثت بذاك ما شاء الله حتى رأيت راجعة من الناس رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين الله وملة محمد صلى الله عليه وآله وإبراهيم عليه السلام فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما وهدما يكون مصيبته أعظم علي من فوات ولاية أموركم التي إنما هي متاع أيام قلائل ثم يزول ما كان منها كما يزول السراب وكما يتقشع السحاب ، فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فبايعته ونهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل وزهق»[3].
وهذا البيان يكشف عن العلة في تعامله مع هذه الأحداث كما يكشف عن العلة في تعامله مع أبي بكر وعمر خلال توليهما السلطة؛ فكان هدفه من ذلك الإسلام وأهله وحفظ دين الله وملة محمد صلى الله عليه وآله وسلم من أن يمحقا؛ بل إن الأمر لأخطر من ذلك، أي إن أول ما سيُهدم هو التوحيد.
فقدّم الإسلام على ولاية أمور المسلمين التي هي لديه متاع أيام قلائل ثم يزول ما كان منها كما يزول السراب وكما يتقشع السحاب.
وهي حقيقة لمسها أصحاب السلطة أنفسهم ومن اطلع على حياتهم؛ ويكفي بالمرء اعتباراً وعظمة من هذه الصور الحياتية أن ينظر إلى نهاية أسباب السلطة وكيف كانت عاقبتهم وآخر أمرهم ويقارنه بحياة علي عليه السلام والأئمة المعصومين من ولده سلام الله عليهم أجمعين) ([4]).

الهوامش:
([1]) نهج البلاغة بتحقيق الشيخ قيس العطار: ص415: طبعة العتبة العلوية.
([2]) المصدر السابق: ص432.
[3] الغارات: للثقفي، ج1، ص305.
([4]) لمزيد من الاطلاع ينظر: الأمن الفكري في نهج البلاغة، للسيد نبيل الحسني: ط: العتبة الحسينية المقدسة مؤسسة علوم نهج البلاغة. ص213-214.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.3286 Seconds