من ألفاظ البيع والشراء في نهج البلاغة: 19- الغَلاء

مقالات وبحوث

من ألفاظ البيع والشراء في نهج البلاغة: 19- الغَلاء

1K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 29-01-2023

بقلم: الدكتور سحر ناجي المشهدي

الحمد لله الأول قبل الإنشاء، والآخر بعد فناء الأشياء، أحمده استتمامًا لنعمته، واستعصاماً من معصيته، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على من اصطفى من الخلق أجمعين سيدنا ونبينا محمد وآل الطاهرين..

اما بعد:
ورد هذا اللفظ في النَّهْج في ستة مواضع، دالاً على معنيين:
    المعنى الحقيقي (المادي):  ويعني الارتفاع ومجاوزة الحد،  جاء مرة واحدة على زنة إسم التفضيل من (غلا)  مسبوقا بـ(لا)  النافية في قوله (عليه السلام): « لَيْسَ فِيهمْ سِلْعَةٌ أَبْوَرُ مِنَ الكِتَابِ إِذَا تُلِيَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ،  وَلاَ سِلْعَةٌ أَنْفَقُ بَيْعاً وَلاَ أَغْلَى ثَمَناً مِنَ الكِتَابِ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ» [1]،  وسِلْعَة:  إسم ليس،  و(أبْـوَر)  صفة لـ(سِلْعَة)،  وبيعا:  تمييز،  وثمنا مثله،  والمراد بـ(التلاوة)  الفهم السليم،  والتفسير القويم للقران،  فهؤلاء المعاشر إذا فسر القران بالحق أعرضوا عنه،  وعائدوه،  واول بما يشتهون،  فالدّين عندهم المصلحة وكفىفأكثر ثَمَنا،  يُقَال:  أغلاه الله،  إذا جعله غاليا.  والأصل في أغْلى:  (أغلَو)  ؛ لوقوع الواو طرفا وهي رابعة قلبت ياءا،  فأصبحت (أغْلَي)،  تحركت الواو وأنفتح ماقبلها فقلبت الياء إلى ألفا  (ءـَـ غـ / لـ ـَـ و)   والقاعدة الصرفية تقول» كلّ واو أو ياء تطرفت وقبلها مفتوح قُلِبَت إلى ياء» (ء ـَـ غـ / لـ  ـَـ/  يـ ـُـ)    تقلب الياء إلى ألف  (ء ـَـ غـ / لـ ـَـَ   إعلال بالقلب).
2) المعنى المجازي:  ويدلُّ على الغلو ؛ أي المبالغ الذي يجاوز الحد بالإفراط،  كقوله: « هلكَ في رجلان:  محب غالٍ ومبغض قالٍ»[2]،  ويعني به المؤاخذ،  والأصل فيه (غَلَو)،  لِتحرك الواو وإنفتاح ماقبلها،  قـُـلِبَت ألفاغـ   ــَ / لـ  ـَـ  و قلبت الواو الفا   غـ  ـَـ / لـ ـَـَـ   إعلال بالقَلب
   قال ابن فارس: «الغين واللام والحرف المعتل أصل صحيح في الأمر يدلُّ على إرتفاع ومجاوزة قدر، يقال:  غلا السِعرُ يغلو غلاءً،  وذلك إرتفاعه، وغلا الرجل في الأمر غلواً، إذا جاوز حده» [3]،  والغَلاء:  ضِدَّ الرُخُص،  غلا السِعر يغلو غَلاءً ممدود،  فهو غالٍ وغلى، يقال:  أغلاه الله:  جعله غالياً،  وغالى بالشَّيء:  إشْتَراه  [4].
  وأصلُ الغَلاء: «الإرتفاع ومجاوزة القدر في كلِّ شَيءٍ،  يقال غاليت الشَيء بالشيء،  وغلوت فيه أغلو،  اذا جاوزت فيه الحد،  والمعروف عند الناس أنَّ الغلاء هو إرتفاع الأسعار»[5])[6].

الهوامش:
[1] نهج البلاغة:  خ 17،  25.
[2] الحكم القصار:  117، 370،  و469،  420.
[3] مقاييس اللغة:  4 / 317.
[4] ظ:  لسان العرب (مادة غلا):  5 / 3290.
[5] ظ:  المفردات في غريب القران:  2 / 472.
[6]لمزيد من الاطلاع ينظر: المعجم الاقتصادي في نهج البلاغة، للدكتورة سحر ناجي المشهدي، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 122-124.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.4137 Seconds