بقلم م. م. الشيخ محسن الخزاعي- جامعة الكوفة:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين أساس الدين وعماد اليقين.
أما بعد:
في معرض حديثه عن الإنفاق وأهميته عدَّ السيد الطباطبائي هذه المسألة من أعظم المسائل التي اهتم بأمرها الإسلام، وقد توسل إليها بأنحاء التوسل إيجاباً وندباً، وإنما يريد بذلك ارتفاع سطح معيشة الطبقة الفقيرة التي لا تستطيع رفع حوائج الحياة من غير إمداد مالي من غيرهم، ثم أورد السيد العلامة في هذا الصدد تأسف الإمام أمير المؤمنين عليه السلام على انحراف مسرى الإنفاق بقوله عليه السلام: " وقد أصبحتم في زمن لا يزداد الخير فيه إلا إدباراً، والشر فيه إلا إقبالاً، والشيطان في هلاك الناس إلا طمعاً، فهذا أوانٌ قويت عدَّتُه وعمت مكيدته وأمكنت فريسته، اضرب بطرفك حيث شئت هل تبصر إلا فقيراً يكابد فقراً أو غنياً بدَّل نعمة الله كفراً أو بخيلاً اتخذ البخل بحق الله وفراً أو متمرداً كأنَّ بأُذنه عن سمع المواعظ وقراً"([1]).
فمن هنا تجلت للمفسرين والدارسين حقيقة وأهمية الإنفاق الذي يعد ضمانة لبناء مجتمع متماسك لا وجود فيه للفقر ولا للطبقية ؛ لأنَّ الإنفاق يحصّن المجتمع من الفقر، بل أنَّه يحصن أموال الأغنياء لأنَّه يعود بالخير على الأثرياء قبل أنْ يصيب خيره المحرومين، لأنّ تعديل الثروة يصون الثروة كما قال الإمام علي عليه السلام: "سوسوا إيمانكم بالصدقة، وحصنوا أموالكم بالزكاة"([2]))[3].
الهوامش:
([1]) ظ :الميزان، 2/ 384، و، 2/ 12.
([2]) نهج البلاغة 4/ 35.
([3] )لمزيد من الاطلاع ينظر: أثر نهج البلاغة في تفاسير الإمامية، الشيخ محسن الخزاعي، طبعة مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة: ص 179-180.