مقومات التنمية البشرية للشخصية القيادية في نهج البلاغة

مقالات وبحوث

مقومات التنمية البشرية للشخصية القيادية في نهج البلاغة

1K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 25-04-2023

بقلم: م. م. علي فاخر حسن.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الخلق اجمعين محمد وآله الطاهرين.

وبعد:
لا يمكن لأي إنسان أن يحيط بالإمام علي (عليه السلام) ما خلا رسول الله محمّدًا (صلى الله عليه وآله) الذي تكفل به صغيراً منذُ أن شرَّفَ مكةَ بولادته المباركة وحتى رحيله إلى جوار ربه، من الذين {صَدَقُواْ مَا عَٰهَدُواْ الله عَلَيهِ}[1]، ولا يمكن لأيٍ من البشر أن يكون قد ادعى أنه وصفه أو تدانى منه بوصف، غير الاستسلام والتسليم بأنه أعجوبة الكون وانموذج الأرض من الاوصياء، إذ كيف يتسنى لبضع سطور أن تختصر دنيا وسيعة من الفضائل، وعالما رحبا من الكمالات، بل إِنَّ تعداد مناقب علي منقصة له، لأَنَّ علياً (عليه السلام)عالم مترامي الأطراف من المناقب، وينبوع كمالات لا ينضب[2]، إذ إنَّه تصدر كل رجل ما خلا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقد كان انموذجا علميا يقتدي به كل لبيب، كما قال ابن أبي الحديد: ((انه لم يدوّن لأحد من فصحاء الصحابة العشر ولا نصف العشر مما دون له))[3]،ويحاول هذا المبحث جاهداً أن يقف على بعض مقوماته الشخصية، بوصفه الرائد الاول للتنمية البشرية من الائمة الطاهرين (عليهم السلام)، ولكونه الشخصية المتكاملة التي تصلح أن تكون أنموذجاً للعالم أجمع.

تعرف الشخصية بأنها مجموعة الخصال والطباع المتنوعة الموجودة في كيان شخص باستمرار، والتي تميزه عن غيره وتنعكس على تفاعلاته مع البيئة من حوله بما فيها من اشخاص ومواقف، سواء في فهمه وادراكه، ام في مشاعره، وسلوكه وتصرفاته ومظهره الخارجي ويضاف إلى ذلك القيم والميول والرغبات والمواهب والافكار والتصورات، وتعد شخصية الفرد نتاج تفاعل لمجموعة المجالات الذاتية التي تكون موجهة نحو أهداف معينة، وتصدر عن الشخصية آثار معينة على الفرد والمحيط الذي يوجد فيه، ومن أجمل الشخصيات وأعظمها تلك التي يطلق عليها الشخصية القيادية، التي يتميز صاحبها بملكة نادرة لا يملكها إلا ما ندر[4] من الناس لدرجة أنه لا يزال الكثير من الناس يعتقدون أن القادة يولدون ولا يصنعون وذلك لصعوبة اكتساب الصفات القيادية العظيمة، وان الإمام عليًا (عليه السلام) كان الشخصية التي تنبض بالحياة في كل عصر، فكلما ذكر اسمه كان شمساً بعطائه في مختلف المجالات، ولهذا كان (عليه السلام) ((مرجعاً في عهد الخلفاء يلتجؤون اليه كلما ألمت بهم مشكلة لم يقدروا على حلها، وكان (عليه السلام) المعلم الأول بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) سكب العلم في نفوس وقلوب أصحابه حتى تخرج منهم العلماء والفقهاء والحكماء، كعبد الله بن عباس الذي فاق في علمه علوم الاخرين، ففاض ليتسع المدينة والكوفة والشام))[5]، ليتجاوز المكان ويتربع على عروش الزمان بذكره المبارك، الذي ما ترك علمًا إلا وله بصمة خالدة فيه تمتاز بالنضوج المستمر والحياة في مضمونها والجمالية بتشكيلها ومنها مفهوم الإدارة[6].

الهوامش:
[1] الاحزاب / 23.
[2] ظ: صفوة شروح نهج البلاغة، اركان التميمي: 5.
[3] شروح نهج البلاغة، حسين جمعة العاملي:11.
[4] ظ: الغوص في أعماق الشخصيات، ابراهيم الموسى: 7.
[5] علوم نهج البلاغة، د. محسن الموسوي: 9.
[6] لمزيد من الاطلاع ينظر: التنمية البشرية في نهج البلاغة: م. م. علي فاخر حسن، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 37-39.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.2181 Seconds