بقلم: م . م علي فاخر حسن.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الخلق اجمعين محمد وآله الطاهرين.
وبعد:
ان أحد الامور المهمة التي ينبغي ملاحظتها في كتاب نهج البلاغة الشريف، المفاهيم الاخلاقية التي ضمّنها امير المؤمنين (عليه السلام) في العديد من كتبه وسائله التي تخص شؤون السياسة ولوازمها[1]،ومن بين تلك الاخلاق:
تجنب التقليد الاعمى:
إن من أهم الأمور التي دعت اليها الشريعة المقدسة والقرآن الكريم هي تجنب التقليد الاعمى[2] كما قال سبحانه وتعالى: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا الله وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} وقد قال الإمام علي (عليه السلام) في هذا الأمر ((أَلَا فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ طَاعَةِ سَادَاتِكُمْ وَكُبَرَائِكُمْ الَّذِينَ تَكَبَّرُوا عَنْ حَسَبِهِمْ وتَرَفَّعُوا فَوْقَ نَسَبِهِمْ وأَلْقَوُا الْهَجِينَةَ عَلَى رَبِّهِمْ))[3].
حذّر الإمام (عليه السلام) من الذين يعشقون المناصب والرياسة لا لشيء إلا للذة الحكم وشهوة السلطان، وأيضا حذّر من الذين يتعشقون الكراسي كوسيلة تمكنهم من الوصول إلى غاياتهم ومآربهم، أما من يطلب الحكم لإقامة العدل وإحقاق الحق، وللقضاء على الشر والفساد، أما هذا فواجب الطاعة والمؤازرة[4]، ويبين المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق الناس والتي توجب عليهم عصيان الجبابرة والتمرد عليهم، واقتلاع جذور الفتنة والفساد من عالم البشرية[5]، التي طالما سببت اكبر الانتكاسات الإنسانية بسبب وجود التقليد الأعمى الذي يجعل من الآباء ارباباً او لهم قدسية الفهم الصحيح لكل ما في الكون مما سبب الكثير من الحروب والفساد في المجتمع في مختلف الاتجاهات الحياتية، التي حاول الإمام اذابتها من اجل بناء الإنسان عن طريق عرض الحقائق وبيان مساوئ ذلك التقليد وآثاره السيئة في المجتمع)[6].
الهوامش:
[1] من وحي نهج البلاغة، العتبة العلوية المقدسة: 57.
[2] ظ: الأثر القرآني في نهج البلاغة، د. عباس الفحّام: 111.
[3] شرح نهج البلاغة، ابن ابي الحديد: 19 / 146.
[4] ظ: في ظلال نهج البلاغة، محمد جواد مغنية: 3 /120.
[5] ظ: دروس سياسية في نهج البلاغة، محمد رهبر: 209.
[6] لمزيد من الاطلاع ينظر: التنمية البشرية في نهج البلاغة: م.م علي فاخر حسن، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص 55-56.