بقلم: الباحثة زهراء حسين جعفر
الحمدُ لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالضياء، وقدمه في الاصطفاء، وجعله خاتم الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.
أما بعد:
الروق
ذكر ابن الجوزي وتبعه ابن الأثير وغيره حَدِيث أمير المؤمنين (عليه السلام): ((حَتَّى أَلْقَت السَّمَاء بأرواقها)) ([1]).
المفردة الغريبة التي وردت في كلامه (بأرواقها)، وأصلها (روق)، قال الخليل: ((رَوْق الإنسان همه ونفسه إذا ألقاه على الشيء حرصاً، يقال: أَلْقَى عليه أرواقه...، وأَلْقَتِ السحابة أرواقها أي ألحت بالمطر وثبتت بالأرض))([2]) والْأَرواق: الأثقال([3]) وقال الزبيدي: ((أرْواقَها أَي: مَطَرَها ووَبْلَها))([4])، ويقال: رَمَاهُ بأَرْواقه، أي: إِذا رَماه بثِقْلِه ([5]).
قوله (عليه السلام) (أَلْقَت السَّمَاء بأرواقها)، أَي: أَلْقَت السَّمَاء بِجَمِيعِ مَا فِيهَا من المَاء([6]).ويقال: أَلْقَتِ السحابة أرواقها، أي: ألحت بالمطر وثبتت بالأرض، وقال ابن الأثير: ((أَرَادَ مياهَها المُثْقِلة لِلسَّحَابِ)) ([7]).
وقال السرقسَطي عنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ: ((رَوْقُ كُلِّ شَيْءٍ، خَيْرُهُ وَأَفْضَلُهُ، وَمِنْهُ قِيلَ: رَوْقُ الشَّبَابِ))([8])، فقوله: ( أَلْقَت السَّمَاء بأرواقها)،أي القت ما فيها من الخير. كالذي يقول: ((مِياهها الصّافِيَة من راقَ الماءُ: إِذا صَفا))([9]). ومن العلاقات الدلالية وجود ترادف بين اللفظتين(بعاع، وأَرْواقِها) للدلالة على ماء المطر الكثير)([10]).
الهوامش:
([1]) غريب الحديث: 1/422، النهاية في غريب الحديث والأثر: 2/278، غريب الحديث في بحار الانوار: 2/146.
([2]) العين: (روق)5/208، وينظر: تهذيب اللغة: (روق)9/217، ومقاييس اللغة: (روق)2/462، ولسان العرب: (روق)10/132.
([3]) ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 2/278، ولسان العرب: (روق)10/132.
([4]) تاج العروس: (روق) 25/374.
([5]) ينظر: لسان العرب: (روق)10/132.
([6]) ينظر: غريب الحديث: ابن الجوزي: 1/422، والنهاية في غريب الحديث والأثر: 2/278.
([7]) النهاية في غريب الحديث والأثر: 2/278.
([8]) الدلائل في غريب الحديث: 2/438.
([9]) تاج العروس: (روق) 25/374.
([10]) مزيد من الاطلاع ينظر: كلام الإمام علي عليه السلام في كتب غريب الحديث/دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية، تأليف زهراء حسين جعفر، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص176-177.