من كلام الإمام علي (عليه السلام) في كتب غريب الحديث قوله عليه السلام: ((جَدَحُوا بَيْنِي وبَيْنَهُمْ شِرْباً وَبِيئًا))

مقالات وبحوث

من كلام الإمام علي (عليه السلام) في كتب غريب الحديث قوله عليه السلام: ((جَدَحُوا بَيْنِي وبَيْنَهُمْ شِرْباً وَبِيئًا))

1K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 15-02-2023

بقلم: الباحثة زهراء حسين جعفر
الحمدُ لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالضياء، وقدمه في الاصطفاء، وجعله خاتم الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.

أما بعد:
فإن مما وَرَدَ في كتب غريب الحديث قوله عليه السلام:  ((جَدَحُوا بَيْنِي وبَيْنَهُمْ  شِرْباً وَبِيئًا )) [1]. ورد في سياق الحديث التركيب الغريب (جدحوا) من مادة (جدح) له أصلٌ واحدٌ، وَهِيَ خَشَبَةٌ يجدح  بِهَا الدَّوَاءُ[2].
وقال ابن منظور: ((الجَدْح: أَن يحرَّك السويقُ بِالْمَاءِ ويُخَوَّضَ حَتَّى يَسْتَوي وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ وَنَحْوُهُ...)) [3]وقَالَ ابْنُ الأَثير: ((والمِجْدَحُ عُودٌ مُجَنَّحُ الرَّأْس يُساطُ بِهِ الأَشْرِبةُ وَرُبَّمَا يَكُونُ لَهُ ثَلَاثُ شُعَب)) [4]. قوله(عليه السلام)(جدحوا)، أَي: خَلَطُوا، ومزجوا بيني وبينهم[5]، وأفْسَدُوا كالذي يفسد من الماء ما يوجب شربه بالوباء[6]، ومفاد حديثه (عليه السلام) يريد به الفتنة الحاصلة من عدم انقيادهم له، كالشرب المخلوط بالمواد السامة القاتلة، فاستعار لفظ الشرب لذلك الامر ولفظ الجدح للكدر الواقع بينهم، والمجاذبة لهذا الأمر. ولجودة ذهن الإمام (عليه السلام) وتمكنه، وحسن عباراته، وانتقائه معانٍ دقيقة بكلام وجيز كافٍ للدلالة على المطلوب استعمل وصف الوبيء لكونه سبباً للهلاك، والقتل بينهم، فضلاً على غرابة السياق، إذ لم تكن اللفظة في التركيب من الغريب وإنّما ورودها في السياق مع القرائن التي وردت جعلتها غريبة والذي يُفهم من السياق أنها وردت بمعنى الخيانة والخداع وهي من الأخلاق المذمومة نقيض الوفاء والإخلاص[7].

 الهوامش:
[1] النهاية في غريب الحديث والاثر: 1/243، لسان العرب: (جدح): 2/421، نهج البلاغة بشرح محمد عبده: 2/81، نفحات الولاية: 6/209، غريب الحديث في بحار الأنوار: 1/219.
[2] ينظر: مقاييس اللغة: (جدح)1/436.
[3] لسان العرب: (جدح)2/421، وينظر: تهذيب اللغة: 4/79.
[4] النهاية في غريب الحديث والأثر: 1/243.
[5] ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر: 1/243، ونهج البلاغة بشرح محمد عبده: 2/81.
[6] ينظر: لفظ (وبيئا): الشيء الذي يكثر فيه الوباء يطلق الوباء أحياناً على مرض خاص، وأخرى‌ على كل مرض، والمعنى الثاني هو المراد في الخطبة.ينظر: معجم اللغة العربية المعاصرة: (وبأ)2/2392.
[7] مزيد من الاطلاع ينظر: كلام الإمام علي عليه السلام في كتب غريب الحديث/ دراسة في ضوء نظرية الحقول الدلالية، تأليف زهراء حسين جعفر، ط1، مؤسسة علوم نهج البلاغة في العتبة الحسينية المقدسة، ص 109-110.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 0.4058 Seconds