من أخلاق الإمام علي (عليه السلام): قوله: ((الْبُخْلُ جَامعٌ لِمَسَاوِئِ الْعُيُوبِ، وَهُوَ زِمَامٌ يُقَادُ بهِ إِلَى كُلِّ سُوء))

سلسلة قصار الحكم

من أخلاق الإمام علي (عليه السلام): قوله: ((الْبُخْلُ جَامعٌ لِمَسَاوِئِ الْعُيُوبِ، وَهُوَ زِمَامٌ يُقَادُ بهِ إِلَى كُلِّ سُوء))

5K مشاهدة | تم اضافته بتاريخ 26-06-2021

بقلم: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان

((الحمد لله وإن أتى الدّهرُ بالخطب الفادحِ، والحدثِ الجليلِ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ليس معه إله غيرهُ وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله))
أما بعد:
قال أمير المؤمنين عليه السلام ((الْبُخْلُ جَامعٌ لِمَسَاوِئِ[1] الْعُيُوبِ، وَهُوَ زِمَامٌ[2] يُقَادُ بهِ إِلَى كُلِّ سُوء)).
الدعوة إلى تعويد الإنسان نفسه على الترفع عن البخل؛ لأنه حالة مذمومة وسيئة التأثير فإن الإمساك والشح عن الانفاق والصرف يولد:

1-  الحرص على جمع المال، والتقتير في الصرف على النفس أو العيال.

2-  والتجري على التسامح في اخراج الحق الشرعي المترتب بحسب نوعية المال.

3-  والظهور بمظهر البائس المُعدم فكأنه يشكو ربّه إلى الناس بينما قد تفضل تعالى عليه بما يرفع عنه هذه الضائقة المصطنعة.

4-  والتكلم على الآخرين بالباطل واتهامهم بالأتلاف والإسراف وعدم العقلانية في التصرف.

5-  والحسد.

6-  والحقد.

7-  والتفتيش وراء الناس بما لا يُحبّون أن يعمله أحد عنهم من صرفٍ وإنفاقٍ، و...، و...
فالإمساك والشح بجمعهما لهذه الخصال وغيرها، صارا مجمعًا لقبائح الأفعال والأقوال التي هي مساوئ العيوب، ولا بدّ من التمعن عند قوله عليه السلام (مساوئ العيوب) فإنه أتى بالمضاف والمضاف إليه مع أن العيوب لوحدها منقضية يبتعد عنها العاقل المتدين فكيف إذا كان العيب سيئًا إلى هذه الدرجة؛ وذلك لأن غالب بني الإنسان متصف بعيب -وهو لغة (النقيصة)[3]- سواء في الخَلق والمظهر الخارجي أو الأخلاق والطبايع ولكن مع تفاوت في درجات العيب فقد تتضاءل نسبة العيب في حالة بينما تتركز في حالةٍ أخرى فتكون عندئذ من مساوئ العيوب كما في البخل.
ثم أضاف عليه السلام وصفًا آخر للبخل لنبتعد عنه ونتعود الترفع عنه والاحتراز منه، وهو أن البخل يقود صاحبه إلى السوء ولذا نجد البخيل مذمومًا اجتماعيًا بدءً من بيته ومرورًا بالمحيط القريب له وانتهاءً بمن يعرف عنه هذه الخصلة ولو بعيدًا عنه.
وأيضًا نجده محتقرًا ومنبوذًا ومستهزءًا به ومُهانًا -في أغلب الحالات إلا إذا كان عنوانه الاجتماعي يحفظه مؤقتًا وإلا فهو في معرض الإهانة في غيابه- ولا يُرتاح إلى وجوده، ولا يُقدّر، ولا يُصغى لقوله لأنه متهم فيه بأنه تحت تأثير البخل.
نعم، قد توجد استثناءات لكنها موقوتة ومحدودة جدًا لوجود الحالة الاجتماعية المعيّنة وإلا فالناس عمومًا لا يرتاحون للبخيل ويذمونه ولا ينفتحون عليه مهما كان قدره إلا بمقدار الضرورة التي يحتّمها -التنافق الاجتماعي- والمجاملات العرفية[4].

الهوامش:
[1] المساوئ جمع المَسَاءة: القبيح من الفعل أو القول. المنجد ص361 مادة (ساء).
[2] الزِمام: المِقْود. المنجد ص305 مادة (زمّ).
[3] المنجد. ص540 مادة (عيب).
[4] لمزيد من الاطلاع ينظر: أخلاق الإمام علي عليه السلام: محمد صادق السيد محمد رضا الخرسان، ج1، ص 127 - 129.

المقالة السابقة المقالة التالية
ادارة الموقع

ادارة الموقع

Execution Time: 1.0935 Seconds