.png)
سلسلة قصار الحكم
بقلم: د. قاسم خلف السكيني.
الحمد لله رب العالمين، عليه نتوكل وبه تعالى نستعين، سبحانه (الذي بطن خفيات الأمور، ودلت عليه أعلام الظهور، وامتنع على عين البصير، فلا عين من لم يره تنكره، ولا قلب من أثبته يبصره). وصلوات ربي الزاكيات، وسلامه الموفور بالخير والبركات، على خير خلقه، وخاتم رسله، محمد وعلى آله الطاهرين.
وبعد:
قال عليه السلام: مَنْ جَرَىَ فيِ عِنانِ أَمَلِهِ، عَثَرَ بأَجَلِهِ[1]
العِنان (بكسر العين): سير اللجام تمسك به الدابة، وقد استعاره للأمل[2].
إن المقصود من هذه الحكمة هو: أن الجري في عنان الأمل والتعلق بآمال الدنيا والسعي وراء لذات الحياة، يستلزم الغفلة. لأن الإنسان إذا باعد أجله، ونسي موته، لم يلتفت إلى مصيره. وبقى لاهياً إلى أن يعثر بأجله. وهو نهاية وقته في الدنيا، وهو الموت. وقال البحراني في شرح مائة كلمة: (العثور بالأجل الوقوع في الوقت الذي علم الله تعالى فيه مفارقة النفس للبدن، وهي الضرورة المسماة بالموت، فاسند (عليه السلام) العنان إلى الأجل تشبيهاً له بالفارس). وأن دلالة الحكمة، يفهم منها إطلاق الأمل، والعثور. إذ لا تنحصر الدلالة بالحياة والموت بل يمكن فهمها - بالنظر لثرائها الدلالي - بأوجه عديدة، فمثلاً يعد الوعد مضروبا بيني وبينك، على سبيل المثال، يحمل معه أملا بالوفاء، وإذا لم نحسب حسابه، وأعطينا للأمل مجالا أوسع، أدركنا الوعـد ونحن في غفلة. والأمثلة على هذا المعنى كثيرة.
ولم يرد اختلاف في رواية هذه الحكمة - كما هو واضح في المتن - ولكن بعض الشروح لم تروها)[3].
الهوامش:
[1] رويت في العيون ص 226، والدستور ص 29، وشرح الغرر 5/375، والمنهاج 3/265، والترجمة 2/423، وشرح ابن أبي الحديد 18/127/، وشرح البحراني 5/248، والمصباح ص 581، وشرح مائة كلمة 1/194، والتنميق (شرح مائة كلمة 2/63)، و مطلوب كل طالب (شرح مائة كلمة 3/45).
[2] اللسان: (عنن).
[3] لمزيد من الاطلاع ينظر: شرح حكم الإمام علي وتحقيقها من شروح نهج البلاغة: للدكتور قاسم خلف مشاري السكيني، ط: العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة: ص43-44.
